النشرة البريدية

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام



محتويات

    شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام
    ما قصة إبراهيم عليه السلام
    هل نحن ابناء ابراهيم عليه السلام
    ما هي اللغة التي كان يتحدث بها سيدنا ابراهيم


شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام خليل الله عزَّ وجلّ، وأبو الأنبياء، إذ أن جميع الرسل والأنبياء الذين تم ذكرهم في القرآن الكريم هم من ذرية إبراهيم عليه السلام ونسله، حيث تتابعوا في ذرية ولديه الاثنين، وهما النبيين الكريمين: الذبيح إسماعيل أبو العرب، ثم إسحاق -عليهما السلام-.

وقد بُعِث الذبيح إسماعيل أبو العرب -عليه السلام- في جُرهُم والعماليق، واليمن، وغيرهم من المناطق كاليمن والحجاز من جزيرة العرب، وينسب إلى ذريته النبي محمد صلّى الله عليه وسلم فقط.

أمّا عن إسحاق عليه السلام فقد بعثه الله تعالى كنبي ليؤدي رسالته في مناطق الشام وحران وما حولها، وكان من ذريته العيص، ومن سلالته: نبي الله أيوب بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام أجمعين، ومن سلالة إسحاق: ذو الكفل، قال ابن كثير: وزعم قوم أنه ابن أيوب، ثمَّ استظهر ابن كثير أنه نبي.

كما تمّ إرسال أيوب وذو الكفل إلى الشام وأهل دمشق على وجه التحديد، وكان من نسله نبي الله يعقوب الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، ومن ذريتهم يوسف، وموسى، وهارون، وإلياس، واليسع، ويونس، وداود، وسليمان، ويحيى، وزكريا، وعيسى عليهم سلام الله أجمعين. [1]

ما قصة إبراهيم عليه السلام

ورد في نص أهل الكتاب أن الاسم الكامل لإبراهيم عليه السلام هو (إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام).

كما روى ابن عساكر من طريق هشام بن عمار، عن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن ابن عباس أن إبراهيم وُلِد بغوطة دمشق في قرية “برزة” في جبل “قاسيون” ثمَّ روى أنه وُلِد في بابل، ونسب إليه هذا المقام ؛ لأنه قام بالصلاة فيه إذ جاء معينا للوط عليه السلام. [2]

وفي هذا الصدد، فإن قصة ولادة ابراهيم عليه السلام غريبة للغاية، إذ جاءت ولادته في زمن النمرود بن كنعان الذي أصدر أمراً بقتل كل طفل سيولد في ذات تاريخ ولادة ابراهيم؛ ويعود السبب في ذلك إلى المنجمين الذين أخبروه بولادة غلام يخالف دينه ويكسر آلهته التي يعبد (المقصود ابراهيم عليه السلام).

لكن العجيب أن أم سيدنا إبراهيم لم يكشف عن حملها وخرجت به إلى مغارة وولدته فيها وخبأت أمره إلى أن أصبح شاباً، فلما خرج بعد ذلك كان يمتلك رؤية مختلفة عن رؤية قومه للأمور، فأخذ يتفكّر في الكون حين رأى الكوكب وقد أفل والقمر البازغ وقد أفل والشمس بضيائها وكبر حجمها وقد أفلت قال لا أحب الآفلين، ومن هنا أتاه الهدى من الله سبحانه وتبرئ من دين قومه الذين يعبدون الأصنام، ويعتقدون أن الكواكب هي التي تسيّر العالم.

كما أن أبوه آزر كان مع قومه الكافرين، لا بل كان يصنع الأصنام ويعطيها لابنه ابراهيم من أجل بيعها، فما كان منه إلّا أن يسخر منها ويدنيها من ماء البحر، ويقول لها اشربي، وقد نصح والده مراراً وتكراراً بالابتعاد عن الكفر وعبادة الأصنام، لكنه أبى!

وحين شاع أمر إيمانه بالله عزَّ وجل بين قومه، ناظرهم على عبادة الحجارة وأقام عليهم الحجة بأنها لا تنفع ولا تضر فلما أصرّوا وعاندوا، قال لأكيدن أصنامكم، فما كان منه إلّا أن كسرها جميعها ماعدا أكبر صنم فيهم، فقد اكتفى بوضع الفأس بين يديه.

ولما رأى قومه ذلك أخذوا يتساءلون عن الذي قام بفعل ذلك بآلهتهم، فقال بعضٌ من الذين سمعوا وعود إبراهيم عليه السلام بالكيد بالأصنام حين يولوا مدبرين، إنا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم، فلما أتوا به وسألوه عن فعله، أجابهم أن كبير الأصنام هو من فعل ذلك، ثم قال لهم، فاسألوهم إن كانوا ينطقون!

وعلى الرغم من أن قومه علموا الحق، إلّا أنهم استمروا بعنادهم وتبجحوا بأن طلبوا نصر الآلهة التي عجزت عن النطق والدفاع عن نفسها، وأجمعوا على حرق ابراهيم عليه السلام بالنار، وجهزوا الحطب لذلك.

ولمّا جاء ابراهيم وألقي في النار، أُرسل إليه جبريل عليه السلام وقال هل لك حاجة فرد عليه إلّا كان إليك فلا، ثم قال حسبي الله ونعم الوكيل، وهنا صدر الأمر من رب العالمين أن يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، فما مسّه من سوء أبداً.

بعد ذلك كفّ الله أذى النمرود عن نبيه، وبدأ عدد من قومه يؤمنون برسالته ومنهم ابن أخيه لوط عليه السلام، ثم فارقهم مهاجراً إلى حران، ثم إلى بيت المقدس، ثم إلى مصر بصحبة وزوجته وابن أخيه لوط وبعض من المؤمنين، وأخيراً عاد قافلاً إلى بيت المقدس، وبعد عشر سنين وهبت سارة له هاجر فحملت منه بإسماعيل عليه السلام ثم بشر بعد إسماعيل عليه السلام بنبي الله إسحاق من سارة.

ولمّا صار إسماعيل شاباً، جاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بأن يذبح ولده إسماعيل، وقد فداه الله بذبح عظيم، كما بشر إبراهيم عليه السلام بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب نبياً من الصالحين، ثم جاء الأمر من الله سبحانه بأن يقوم ابراهيم وولده اسماعيل برفع قواعد البيت الحرام الذي أُخفيت معالمه نتيجة الطوفان، فقاما بذلك ثم نزل جبريل لتعليمه مناسك الحج وأمره أن يؤذن في الناس، وقد توفي عليه السلام عن عمر مائتي عام. [3]
هل نحن ابناء ابراهيم عليه السلام

هل نحن ابناء إبراهيم عليه السلام؟ نعم.

روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بْن أَبْزَى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبحَ وإذا أمسَى: أصبحنا على فِطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلم وعلى مِلَّة أَبِينَا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين.

يدل الحديث السابق على أننا نتبع ملّة ابراهيم عليه السلام التي أمرنا الله عزَّ وجل باتباعها في قوله: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (النحل/123)، وقوله: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ (الحج/78)

وبذلك يكون إبراهيم عليه السلام كالأب لجميع المؤمنين، كما أنه أبو الأنبياء الذين جاءوا بعده، إذ قال ابن كثير رحمه الله: لم يبعث الله عَزَّ وجل بعده نبياً إلّا من ذريته، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ)، كما قال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ). [4]
ما هي اللغة التي كان يتحدث بها سيدنا ابراهيم

السريانية والعبرانية.

إن إبراهيم عليه السلام كان يتكلم باللغتين السريانية والعبرانية كما ذكره العيني في شرح البخاري وابن سعد في الطبقات والطبري في التاريخ، في حين كان ابنه إسماعيل يتكلم بالعربية، وذلك لأنه نشأ في قبيلة جرهم وتزوج من نساءها، وكذلك فإن أولاده نشأوا فيها، وكان من سلالته قريش التي منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. [5]
المراجع

    الإيمان بالكتب المنزلة – أنبياء ذرية إبراهيم



ايات جاء فيها ذكر اللؤلؤ مع التفسير الميسر لها




    فوائد اللؤلؤ
    أِشكال اللؤلؤ وتكوينه
    اللؤلؤ في القرآن الكريم
    كم مرة ذكر لفظ لؤلؤ واللؤلؤ في القرآن الكريم
    ايات جاء فيها ذكر اللؤلؤ مع التفسير الميسر لها


اللؤلؤ من الأحجار الكريمة وهو حجر صلب شديد اللمعان يتم إنتاجه داخل الأنسجة الرخوة  الخاص بحيوان shelled mollusk أو المحار  مثل القنصليات ، تمامًا مثل قشرة الرخويات ، وتتكون اللؤلؤة من كربونات الكالسيوم  بشكل أساسي ، في شكل بلوري دقيق تم ترسبه في طبقات متحدة المركز ، واللؤلؤة المثالية مستديرة وناعمة تمامًا ، ولكن يمكن أن تتواجد في أشكال أخرى كثيرة ، تُعرف باسم اللؤلؤ الباروكي وقد تم تقييمه كأجود أنواع اللؤلؤ الطبيعي عالي الجودة ، وأصبحت اللؤلؤ من الأحجار عالية القيمة عالميًا .

وهو من الحجارة النادرة ، ويشار إلى هذه اللؤلؤات البرية باللؤلؤ الطبيعي ، يدخل اللؤلؤ في صناعة المجوهرات منذ فجر التاريخ ويتم استزراعه اليوم بكميات كبيرة ، كما أنه من الحجارة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من موضع .
فوائد اللؤلؤ

هناك العديد من الفوائد لارتداء حجر اللؤلؤ ، فهذا الحجر معروف بخصائصه العلاجية ، ومن بعض الفوائد لارتداء حجر اللؤلؤ هي :

    يفيد حجر اللؤلؤ في تعزيز صحة العقل ويعالج الاكتئاب ، يوصي ارتداء اللؤلؤ للأشخاص دائمين الغضب .
    حجر اللؤلؤ مفيد في علاج اضطرابات النوم و القلق .
    مفيد في علاج مشاكل العيون ومشاكل الحلق ..
    يساعده على تعزيز الذاكرة وصحة الدماغ ويساعد على التركيز .
    يقال أن حجر اللؤلؤ يجلب المال والثورة للإنسان والرفاهية أيضًا .
    يزيد اللؤلؤ من بريق الوجه وجماله للنساء .
    يساعد اللؤلؤ على حدوث التوافق والانسجام بين الأزواج .
    يساعد اللؤلؤ لمرتديه أن يصبح مبدعًا ويزيد من قوة الشخص في نفسه .
    يعالج بعض الأمراض الخاصة بالفتيات مثل اضطرابات الدورة الشهرية .
    يقال أنه له تأثير على أمراض مثل أمراض الكلى ومشاكل البنكرياس وفقر الدم والربو وداء السكري وبعض أمراض المخ مثل ورم المخ .

أِشكال اللؤلؤ وتكوينه

يأخذ اللؤلؤ شكل حبة الأرز أو شكل كروي أو شكل كمثري وقد يكون على هيئة أزرار وهو غير منتظم الشكل تتواجد اللآلئ ملتصقة بالسطح الداخلي للصدفة وأفضل أنواع اللآلئ البيضاء بعض الأنواع تكون بلمسة عاجية والبعض يكون زهري خفيف في بعض الأحيان قد يشوبها ألوان أخرى كالأخضر والأصفر والبني والأسود وتكون اللآلئ السوداء الخالصة باهظة الثمن بسبب ندرتها كما أن بريقيها فريد بسبب تداخل طبقاتها المتتابعة .

ومن مميزات اللؤلؤ أنه لا يقطع ولا يصقل مثل بقية الأحجار الكريمة الأخرى ، ويتأثر اللؤلؤ بالحرارة وكما أنه عرضة للتحلل ويمكن الحصول على اللآلئ الثمينة من محار الماء المالح والعذب ، وأكبر مركز اللآلئ الطبيعية في العالم في الخليج العربي هو أفضل أنواع اللؤلؤ في العالم ، وهنالك بعض الأنواع الأخرى الجيدة الموجودة على سواحل الهند والصين وأستراليا واليابان وجزر المحيط الهادئ .
اللؤلؤ في القرآن الكريم


جاء ذكر اللؤلؤ في القرآن الكريم في أكثر من موضع فقال تعالى في كتابة الكريم {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} سورة الرحمن

وتفسير الآية الكريمة يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، أنه أه يخرج من البحرين بقدرة الله تعالى اللؤلؤ وحجر المرجان وقيل أن اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح .

{كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} سورة الطور الآية 24 ، ومعني الآية الكريمة أنه مستور ومحجوب لا يناله نهائيًا ما يغيره وكذلك في الخلد لا يهرمون ولا يتغيرون ولا يزيدون بها على أسنانهم .

{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} سورة الواقعة الآية 23 ومعناه كأنهن اللؤلؤ الرطب في صفاته وبياضه ، وقرأ بالرفع وتقديره لهم فيها حور عين أما قراءة الجر تحتمل معنيين الاحتمال الأول إتباع ما قبله لقوله : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين ) ، كما قال ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ) ، أما الاحتمال الثاني أن يكون مما يطوف به الولدان المخلدون عليهم هم الحور العين ولكن ذلك يكون في القصور .
كم مرة ذكر لفظ لؤلؤ واللؤلؤ في القرآن الكريم

تم ذكر لفظ لؤلؤ واللؤلؤ في القرآن الكريم حوالي ست مرات وقد جاءت في سور متفرقة وهي كما يلي:-

    قال الله سبحانه وتعالى “إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا”.
    قوله سبحانه وتعالى وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا”.
    قول الله عز وجل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ”.
    قال جل وعلا “ويَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”.
    قوله عز وجل “يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ”.
    قوله سبحانه وتعالى “كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ”.

ايات جاء فيها ذكر اللؤلؤ مع التفسير الميسر لها

جاء ذكر اللؤلؤ في عدد من الآيات وهي كما يلي:-

    قال الله سبحانه وتعالى “إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا”، هذه الآيات تدل على أن المؤمنين سوف يعيشون خالدين في الجنة ويكون ثيابهم من حرير وهم يلبسون الكثير من الأساور الذهب التي تكون مرصعة باللؤلؤ والمرجان.
    قوله سبحانه وتعالى وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا”. ذكر الله سبحانه وتعالى أن المؤمنين الذين يعملون الصالحات يخلدون في الجنة ويقوم على خدمتهم مجموعة من الغلمان، كما ذكر أيضًا أنه من شدة جمال هؤلاء المؤمنين نراهم كاللؤلؤ حيث يكون لهم نفس البريق.
    قوله عز وجل “يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ”. يقصد الله عز وجل أن المؤمنين يعيشون خالدين في الجنة ويخرج من حولهم اللؤلؤ والمرجان من البحر.
    قوله سبحانه وتعالى “كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ”، وقد فسره العلماء أن الغلمان يكونون مثل اللؤلؤ في بريقه وصفائه ونقائه.
    قال جل وعلا “ويَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”.حيث ذكر الله سبحانه وتعالى أن الغلمان الذين يخدمون المؤمنون يكون لطفاء وأرقاء كاللؤلؤ.



ايات ابطال السحر مكتوبة من القرآن

ايات ابطال السحر مكتوبة من القرآن

 


ايات ابطال السحر مكتوبة من القرآن الواردة في السُنة النبوية الشريفة حيث إن خير البيوت؛ البيت الذي يمتلئ بأنوار هدي سيد المرسلين، البيت الذي يحوي الشفقة والرحمة والتعاون، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي» رواه الترمذي، والشيطان لا يحترق ولا يموت عند سماعه ايات ابطال السحر مكتوبة من القرآن أو الاستعاذة بالله منه، ولكن الشيطان عند سماعه القرآن «يخنس» أي يهرب ويختبئ ثم يعود مرة أخرى، فالشيطان يخنس وينفر ويبتعد عن العبد عند قراءته للقرآن الكريم أو ذكره لله تعالى، كما قال تعالى مرشدًا لنا:
• «بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ * الرّحْمنِ الرّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدّينِ * إِيّاكَ نَعْبُدُ وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضّآلّينَ » آيات سورة الفاتحة.
• « الَمَ * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لّلْمُتّقِين * الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَممّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * والّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالاَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَىَ هُدًى مّن رّبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » الآيات الأولى من سورة البقرة.
• «اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيمُ * لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » [البقرة: 255-258].
• «يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
• «وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ» [البقرة :102].
• « وَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوَاْ آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ * رَبّ مُوسَىَ وَهَارُونَ » [الأعراف:117 –122].
• « وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مّلْقُونَ * فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقّ اللّهُ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ » [يونس:79-81]
• « قَالُواْ يَمُوسَىَ إِمّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمّآ أَن نّكُونَ أَوّلَ مَنْ أَلْقَىَ * قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيّهُمْ يُخَيّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنّهَا تَسْعَىَ * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مّوسَىَ* قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنّكَ أَنتَ الأعْلَىَ * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوَاْ إِنّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ » [طه:65-69].
• « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ » سورة الإخلاص.
• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ» سورة الفلق.
• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ » سورة الناس.
• «مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ».
• «وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
• «فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*صِبْغَةَ اللَّـهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ».
• «وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ*إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
• «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ*لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ».
• «قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ».



أفضل دعاء في جوف الليل.

 أفضل دعاء في جوف الليل.



اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك.

اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، وعذاب، القبر اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.

اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا.

رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطيعا، إليك مخبتا، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، واهد قلبي، وسدد لساني، وثبت حجتي واسلل سخيمة قلبي.

اللهم لك الحمد، أنت رب السموات والأرض، لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، لك الحمد أنت نور السموات والأرض، قولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله لي غيرك.

اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي.

اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الحرب، اللهم عائذا بك من سوء ما أعطينا، وشر ما منعت منا اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين، غير خزايا، ولا مفتونين.

اللهم إني أسألك العفو والعافية، في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية، في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي.

اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر.

اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وأعظم لي نورا اللهم اجعل لي نورا في قلبي، واجعل لي نورا في سمعي، واجعل لي نورا في بصري، واجعل لي نورا عن يميني، ونورا عن شمالي، واجعل لي نورا من بين يدي، ونورا من خلفي، وزدني نورا، وزدني نورا، وزدني نورا.

اللهم إني أسألك أن ترزقني رزقًا واسعًا طيبًا من غير كدٍ، ولا مشقةٍ، ولا ضجرٍ، ولا الهم، ولا تعبٍ، ولا نصبٍ، ولا فقرٍ، ولا ضيقٍ، ولا خصاصةٍ، ولا تفليسٍ، ولا فقرٍ، ولا مسألةٍ إلى أحدٍ من خلقك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللهم إني أسألك رزقًا طيبًا واسعًا حلالًا مباركًا، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدًا فقربه، وإن كان قريبًا فيسره، وإن كان قليلًا فكثره، وإن كان كثيرًا فبارك لي فيه، اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ به عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.


أدعية الرزق وتيسير الأمور

 أدعية الرزق وتيسير الأمور



وردت في السنة النبوية الشريفة العديد من الأدعية التي تيسر الأمور، وتفتح الأبواب، وتزيل الهموم، وترفع الكروب، ومن هذه الأدعية:

    اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
    رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير.
    اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت.
    اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم.
    اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال.
    يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
    اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.
    حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبع مرات.
    اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
    ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن سهلا إذا شئت.
    اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
    بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات.
    اللهم إني أسألك رزقا حلالا واسعا طيبا من غير تعب ولا مشقة ولا ضير ولا نصب إنك على كل شيء قدير.
    اللهم إني أسألك التوفيق للعمل الذي فيه رضاك، والنجاح في كل خطوة أخطوها، والقوة على تحمل مشاق الحياة.
    اللهم إني أسألك فرجا قريبا، ومخرجا من كل ضيق، وسعة في الرزق، وحسنا في العاقبة.
    يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
    اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
    اللهم إني توكلت عليك، وفوضت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.
    اللهم يسر لي أمري، وسهل لي طريقي، واجمع لي الخير، وبارك لي فيما رزقتني، واجعلني من أوليائك وخاصتك.


تفسير رؤية الكنز في المنام




يقول عبد الغني النابلسي: رؤية الكنز في المنام يدل على علم، فمن رأى في الحلم أنه لقي كنزًا؛ فإنه يصيب علمًا إن كان طالب علم، وإن كان تاجرًا؛ فإنه يرزق تجارة ونفاقا وسخاء، وإن كان صاحب سلطان؛ فإنه ينال ولاية وعدلًا، وكذلك كل صانع في حرفته. والكنز يدل على الولد النجيب وعلى المال.


ومن رأى في المنام أنه وجد كنزًا فيه مال يسير؛ فإنه شدة يسيرة تعرض له، وإن كان فيه مال كثير؛ فإنه يدل على هم وحزن، وقد يدل مرارًا كثيرة على موت صاحب الرؤيا.

ومن رأى في منامه كنزًا؛ استغنى وقضى عليه حاكم، وإن رأى أنه أصاب مالًا عظيمًا؛ خرج من الدنيا شهيدًا، وإن رأى الملك أنه احتوى على كنوز وهو مسرور بها شديد الفرح؛ دل على زوال ملكه.

وتدل رؤية الكنز في المنام على تسهيل الأمور، لأن ما فيه لا يحتاج إلى الكلفة غالبًا، وربما دل الكنز على الميراث، أو الهم والنكد، وربما كان الكنز ثيابًا والمعدن بكرًا لمن يروم الزواج، وربما دل الكنز على ما يكنزه الإنسان ويمنع منه الزكاة.

والكنز متجر رابح، وربما دل الكنز على الصراف أو الجوهري، وربما دل على وجود الضائع والتذكر بعد النسيان، وإن وجد كنزًا وفيه ما يمنع من التوصل إليه؛ دل على الرجل الشحيح المتمول المانع للزكاة، وإن كان عالمًا؛ كان بخيلًا بعلمه، وإن كان متوليًا؛ كان غير عادل في رعيته، وإن كان الرائي امرأة؛ دل على صيانتها ومسك يدها، فإن لم يكن عليه مانع؛ دل على تبذيرها لمالها وتبديد عرضها، وكان ذلك صالحًا في حق من سواها، وإن وجد الملك كنزًا فيه دنانير والناس يأخذون منه خامر عليه عسكره، واستمالهم ملك آخر ورغبهم خصوصًا إن كان على الدنانير اسم غريب.
تفسير رؤية الكنز في المنام

تفسير رؤية القطط في المنام – لعبد الغني النابلسي



 

تفسير رؤية القطط في المنام – لعبد الغني النابلسي

قال عبد الغني النابلسي: رؤيا القط في المنام تدل على الكتاب لقوله تعالى في الآية 16 من سورة ص: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}.

وربما دلت رؤية القط في المنام على الجفاء للزوجة والأولاد، والخصام، والسرقة، والزنا، وعدم الوفاء، واستراق السمع، والغمز والهمز.

وربما دلت رؤية القط في المنام على الولد من الزنا، أو اللقيط الذي لا يعرف أبوه.

ورؤية القط في المنام تدل على الإنسان الملاطف بالكلام، والمتحبب بالنط والرقص إلى قلوب الناس، وهو مع ذلك يرمق الأشياء فإذا وجد فرصة أفسد.

فإن اتفق القط والفأر أو الذئب والغنم كان دليلًا على النفاق والملق، وإن كان الناس في خوف؛ أمنوا من عدوهم. وربما كان ذلك دليلًا على العدل في الرعية، أو فساد أحوال العالم. وهكذا الأضداد كلها إذا اتفقت. وربما دل ذلك على دفع الأعداء، وقهر الخصوم، وعلى الغلام الشاطر.

    رؤية قط الزباد في المنام تدل على رجل فيه سيما الأشرار، وأخلاق الأخيار.
    ومن رأى في المنام أنه باع قطة؛ فإنه ينفق ماله.
    ومن رأى في المنام كأنه أكل لحم قط؛ تعلم السحر.
    ومن رأى في المنام أنه تحول سنورًا(قط)؛ فإنه ينال معيشة من التلصص، وما لا خير فيه.
    ومن رأى في المنام أن قط دخل دارًا؛ فإنه يدخل هناك لص، فإذا ذهب السنور بشيء؛ فإنه يذهب اللص بشيء هناك.
    ومن رأى في المنام كأن القط خدش إنسانًا وسال دمه، أو قلع عينه؛ فإن ذلك يدل على عدو مجاهر.
    ومن رأى في المنام أنه ذبح قط أو قتله أو أصابه؛ فإنه يصيب لصًا ويظفر به.
    ومن رأى في المنام أنه أصاب من لحم القط، أو من شحمه؛ فإنه يصيب من مال لص، أو مما يسرق.
    ومن رأى في المنام أنه نازع القط حتى خدشه أو عضه؛ فإنه يصيبه مرض طويل ثم يبرأ، أو يصيبه هم شديد ثم يفرج الله تعالى عنه. وإن كان القط هو المغلوب؛ برئ من مرضه، أو من همه عاجلًا، وإن كان القط هو الغالب؛ فإنه أشد في المرض، أو الهم.

تفسير رؤية القطة في المنام – لعبد الغني النابلسي

رؤية القطة في المنام تدل على امرأة خداعة، وخدش القطة وعضها؛ خيانة الخادم. وربما دلت رؤية القطة في المنام على المرأة الحريصة على تربية الأولاد وكنفهم، وتأديبهم.

 

 

قال محمد ابن سيرين: السنور: هو الهر، وهو القط، وقد اختلف في تأويله، قيل: هو خادم حارس. وقيل: هو لص من أهل البيت، وقيل: الأنثى منه امرأة سوء، خداعة، صخابة، وينسب إلى كل من يطوف بالمرء، ويحرسه، ويختلسه، ويسرقه، فهو يضره، وينفعه، فإن عضه، أو خدشه؛ خانه من يخدمه، أو يكون ذلك مرضًا يصيبه. وكان ابن سيرين يقول: هو مرض سنة، وإن كان السنور (القط) وحشيًا؛ فهو أشد، وإذا كانت قطة ساكنة؛ فإنها سنة فيها راحة، وإذا كانت قطة وحشة كثيرة الأذى؛ فإنها سنة نكدة، ويكون له فيها تعب ونصب.

القط الذكر في الحلم لص وشخص مخادع، وهو رمز للخيانة والجفاء، والقطط في المنام رمز للمكر والدهاء والحظ السيئ، أما القطة الأنثى فهي علامة الحظ الحسن وهي في المنام مبشرة بالخير، أما القطة الجائعة فعلامة سيئة وتدل على الاحتياج أو الفقر. والقطط الصغيرة في المنام علامة حسنة وهي تبشر بالأخبار السعيدة مثل النجاح، الزواج، الحمل.

إذا رأى الشخص قط يدخل بيته في الحلم، فإن هذا يدل على دخول لص إلى البيت، وقد يكون هذا اللص من أهل البيت، فقد اتفق المفسرون أن رؤية القط، الفار، الذئب، الغنم، في الحلم يدل على أن هناك من ينافقك ويتملق إليك.

تدل رؤية القطط في الحلم على عيون حاسدة، وغالباً تكون أعين من النساء، وترمز القطة في المنام على الخسة والخيانة. وأحيانا يتم تفسير القطط في الرؤيا على أنها المرأة الحريصة على تربية الأولاد وتحرص على عقابهم وتأديبهم، وإن خدش القط إنسان دل ذلك على أن هناك عدو يحاول أذيتك، وقد تدل على رجل عديم الخلق، وشرير ومنافق.

تدل رؤية القط الذكر في المنام إلى وجود لص أو شخص مخادع، وهو يرمز للخيانة والجفاء، وللمكر والدهاء والحظ السيئ. أما رؤية القطة الأنثى في الحلم تدل على الحظ الجيد، وهي تبشر بقدوم الخير.

إذا رأى الشخص نفسه في المنام يأكل لحم القطط، فإن هذا يدل على أن الشخص الحالم سوف يتعلم السحر ويمارسه، أما إذا رأى الشخص نفسه في المنام وهو يبيع قطة، فإن هذا يدل على أن هذا الشخص سوف ينفق ماله أو سيخسره أو يخسر عمله أو مشروع ويعلن إفلاسه، وإذا رأى الشخص نفسه في المنام وهو يتحول إلى قط، فإن هذا يدل على أن الشخص الحالم يعيش حياة غير آمنة ويعاني من التنصت عليه طوال الوقت.

إذا رأى الشخص في الحلم قط فارسي، فإن هذا يدل على أن هذا الشخص ينفق ماله في أمور صالحة، أما إذا رأى في الحلم قط يهاجمه، فإن هذا يدل على وجود مشاجرة ستحدث بين الشخص الحالم واحد أفراد أسرته.

وحُكي أن امرأة أتت ابن سيرين فقالت: رأيت سنورًا (قط) أدخل رأسه في بطن زوجي فأخرج منه شيئًا، فأكله. فقال لها ابن سيرين: لئن صدقت رؤياك ليدخلن الليلة حانوت زوجك لص زنجي، وليسرقن منه ثلاثمائة وستة عشر درهمًا، فكان الأمر على ما قال سواء، وكان في جوارهم حمامي زنجي، فأخذوه، فطالبوه بالسرقة، فاسترجعوها منه.

فقيل لابن سيرين: كيف عرفت ذلك؟ ومن أين استنبطه؟ قال: السنور (قط) لص، والبطن الخزانة، وأكل السنور (القط) منه سرقة، وأما مبلغ المال؛ فإنما استخرجته من حساب الجمل، وذلك أن السين: ستون، والنون: خمسة، والواو: ستة، والراء، مائتان، فهذه مجموع السنور (القط).
تفسير رؤية القط الأبيض في المنام – لابن سيرين

رؤية القط الأبيض في المنام يعني خادم الغير أمين، أو قد يعني لص من أهل البيت، إذا كان القط الأبيض أنثى على أنها امرأة مخادعة تتلاعب وتؤذي الشخص الحالم، أما تفسير عضة القط الأبيض أو خدشه، يدل على أن الشخص الحالم سيمرض، أما إذا كان القط الأبيض متوحش، فإن هذا يدل على أن هذه السنة ستكون مليئة بالحزن والأسى والتعب.
تفسير رؤية القط الأسود في المنام – لابن سيرين

القط الأسود شخص خبيث، نواياه سيئة وهو في الحلم صاحب سوء ومكر وخديعة.
تفسير رؤية القط الرمادي في المنام – لابن سيرين

خيانة من قبل أحد أفراد العائلة، وصوت القط في الحلم يدل على المغامرة والمخاطرة وأحيانا النجاح.
تفسير رؤية القطط في منام المرأة – لابن سيرين

رؤية القط في منام العزباء شخص ماكر وغير جاد في الحب وهو مخادع وخائن، أما رؤية القط في منام المتزوجة فشل في الحب، ورؤية القط في منام الحامل خير ويدل على مولود ذكر.
رؤية القطط في الحلم:

    القط الأبيض: أموالك سوف تكون آمنة.
    القط الأسود: شخص يكن لك عداوة أو امرأة تريد بك سوء.
    القط الرمادي: خيانة من قبل أحد أفراد العائلة.
    القط في المنام يمثل العقل المستقل بل هو أيضا رمز لأنوثة المرأة.
    القط في الحلم يدل على الخداع والخيانة والسرقة.
    قتل القط في الحلم يدل على الظلم و القهر.
    من يرى في أحلامه قطة تفترس شخصا فذلك يدل على متاعب ذلك الشخص.
    خدوش القط في الحلم تعلن وجود بعض المتاعب.
    مداعبة قطة في الحلم تبشر بلقاء شخص عزيز.
    رؤية قط يهاجمك في الحلم يعني وجود مشاجرة.
    مواء القط في الحلم: صديق زائف يسعى ليؤذيك مستخدما كلمات جارحة من أجل ذلك.
    صوت القط في الحلم: يدل على المغامرة والمخاطرة و أحيانا النجاح.
    القط الفارسي في الحلم: إنفاق المال في أمور صالحة.
    إذا رأت المرأة القط في منزلها فهو علامة من علامات الراحة والصفاء.

الشريعة الإسلامية ومحاسنها وضرورة البشر إليها

 



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلما كانت المحاضرات العلمية من خير الوسائل لإيضاح الحقائق وإبراز محاسن الشيء المحاضر عنه وبسط الكلام فيه بعض البسط رأيت أن يكون موضوع محاضرتي هذه الليلة: (الشريعة الإسلامية ومحاسنها وضرورة البشر إليها).

وإنما اخترت هذا الموضوع لأهميته العظيمة كما لا يخفى. فإن البحث في الشريعة الإسلامية وما يتعلق بمحاسنها ومصالحها وعنايتها بالعباد وما يتعلق بالضرورة إليها أمر عظيم والحاجة إليه شديدة والتفقه فيه والعناية به من أهم الأشياء، فلأهمية هذا الموضوع وعظم شأنه ومسيس الحاجة إلى المزيد من الفقه فيه والبصيرة رأيت أن يكون موضوع المحاضرة. وبهذا يتضح لإخواني المستمعين أن هذه المحاضرة ذات شقين:

أحدهما: الشريعة الإسلامية ومحاسنها.

والثاني: ضرورة البشر إليها.
وسأتكلم إن شاء الله على الشقين جميعا.

أما الشق الأول: وهو ما يتعلق بالشريعة الإسلامية ومحاسنها: فمن المعلوم لدى المسلمين ولدى كل من له أدنى علم بالواقع في الأزمان الماضية أن الله جل وعلا بعث الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام بدين الإسلام من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليهم الصلاة والسلام، بل أبونا آدم عليه السلام كان على الإسلام والقرون التي كانت بعده إلى أن حدث الشرك في قوم نوح. كلهم كانوا على الإسلام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، ثم حدث الشرك في قوم نوح، بعباده الصالحين ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر فأرسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام إلى قومه لما وقع فيهم الشرك، وكان أول رسول إلى أهل الأرض كما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

فالرسل عليهم الصلاة والسلام جميعا بعثهم الله من أولهم إلى آخرهم بدين الإسلام، كما قال الله : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19] فأوضح سبحانه أن الدين عنده هو الإسلام لا دين سواه عنده .

ثم أكد ذلك سبحانه بآية أخرى، فقال جل وعلا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] فبين  أن جميع الطرق مسدودة إلا هذا الطريق وهو الإسلام، وأوضح  أن الإسلام هو الدين الذي يقبل من جاء من طريقه، ومن جاء من غير طريقه لا يقبل، وقال : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] فخاطب هذه الأمة على يد رسوله محمد عليه الصلاة والسلام بأنه أكمل لها الدين وأتم عليها النعمة ورضي لها الإسلام دينا، فدل ذلك على أن دين الإسلام هو دين محمد عليه الصلاة والسلام وهو دين هذه الأمة، كما أنه هو دين الأنبياء الماضين والرسل أجمعين عليهم الصلاة والسلام.

ثم أيد ذلك بقوله سبحانه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [الشورى:13] فخاطب هذه الأمة بأنه شرع لهم من الدين ما وصى به نوحا.
والذي أوحينا إليك يعني: يا محمد عليه الصلاة والسلام. فالله جل وعلا شرع لهذه الأمة ما وصى به نوحا من إقامة أمر الإسلام والاستقامة عليه والاجتماع عليه وما أوحى به إلى محمد عليه الصلاة والسلام من الاستقامة في الدين والاجتماع عليه، كما في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] وبقوله جل وعلا: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَاا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [آل عمران:105] فعلم بهذا أنه شرع لنا سبحانه ما شرع للأنبياء الماضين والرسل الأقدمين شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13].

وقال : وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ۝ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّه اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:130-132] فبين سبحانه أن إبراهيم وصى ذريته بالإسلام، وهكذا يعقوب أوصى بنيه بذلك، وذكر عن نوح عليه الصلاة والسلام أيضا ما يدل على ذلك، فقال جل وعلا في سورة يونس في قصة نوح أنه قال لقومه: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:72] وقال عن موسى أنه قال: يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يونس:84] وقال عن بلقيس: قَالَتْْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44].

فعلم من هذه الآيات وما في معناها أن الإسلام هو دين الأنبياء جميعا وهو دين الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام وأنه دين الله حقا لا دين له سواه، ولا يقبل من أحد دينا سواه، وهو الدين الذي أمر الرسل بإقامته، وحقيقته: توحيد الله  في ملكه وتدبيره وأفعاله وفي عبادته سبحانه وفي أسمائه وصفاته، والانقياد لأمره وقبول شريعته والدعوة إلى سبيله والاستقامة على ذلك والاجتماع عليه وعدم التفرق فيه وهذا هو الدين الذي أمرنا بإقامته وأمر الله الرسل ومن بعدهم بإقامته كما قال تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13].
فإقامة الدين معناها: قبوله، والتزامه، وإظهاره، والدعوة إليه، والسير عليه، والثبات عليه، واجتماع على ذلك قولا وعملا وعقيدة، وعدم التفرقة في ذلك، وبهذا تجتمع كلمة المسلمين ويتحد صفهم ويقوى جانبهم ويهابهم عدوهم.

هكذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم أمروا بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، ولا يخفى على ذي اللب ما في إقامة الدين والاجتماع عليه وعدم التفرق من قوة المسلمين وتمكنهم من أخذ حقوقهم من أعدائهم، وانتصافهم منهم وهيبة الأعداء لهم في نفس الوقت، لما يشاهدونه من اتحادهم واجتماعهم وإقامتهم دينهم وتعاونهم في ذلك وتواصيهم به. فالاجتماع والاتحاد والتعاون الصادق على الحق في كل أمة لا شك أنه سر النجاح وطريق الفوز والكرامة في الدنيا والآخرة.
فعلمنا بهذا أن جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم أرسلوا بالإسلام، وكلهم دعوا إلى الإسلام، وكلهم دينهم الإسلام، وكلهم أمروا بإقامة الإسلام، وإقامته كما تقدم إظهاره للناس ودعوتهم إليه والاستقامة عليه علما وعملا وعقيدة والاجتماع على ذلك؛ وذلك بالإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وتلقي ما جاء به الرسول الأمين بالقبول والعمل والاجتماع على ذلك، والحذر من الخلاف والتفرق وبهذا يزداد الداخلون في الدين، ويعظمون أمر الدين ويعظمون الدعاة إليه، ويعرفون صلاحه لكل عصر، وأنه دين حق من تمسك به أفلح ونجح وفاز بالعزة والكرامة والاتحاد والقوة والاجتماع مع إخوانه.
فدين نوح وهود وصالح ومن بعدهم من الأنبياء هو الإسلام عقيدة وشريعة.

فالعقيدة التي هي الإيمان بالله ورسوله المبعوث في كل وقت بالنسبة إلى القوم المبعوث إليهم هي الإسلام بالنسبة إليهم وهو إيمانهم بما جاء به رسولهم وتوحيدهم لربهم وانقيادهم للشرع واجتماعهم عليه بالأقوال والأعمال والعقيدة، لكن لكل نبي شريعة ولكل رسول شريعة كما قال الله جل وعلا: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [المائدة:48] وما ذاك إلا لأن ظروف الناس وأحوالهم وتحملهم للتكاليف وإدراكهم للمقصود يتفاوت كثيرا، فليست عقول الناس في جميع الأزمنة على حد سواء، وليست ظروفهم وأحوالهم وقدرهم على حد سواء.

فالله جل وعلا هو العليم بأحوال العباد وهو الخبير بمدى استطاعتهم، وهو العليم بمدى تقبلهم الحق وبحقيقة العقول التي يحملونها وهو سبحانه يرسل الرسل في كل وقت وفي كل أمة بما يليق بذلك الوقت وبتلك الأمة، لأن ذلك هو اللائق بحكمته وعلمه ورحمته وإحسانه ، فليس قوم نوح في العقول والتحمل والتقبل لما يجيء به الرسول كأمة موسى مثلا فبين الناس فروق كبيرة في أوقاتهم وعقولهم ولغاتهم وعوائدهم وغير ذلك. فكان من حكمة الله  أن كانت الشرائع وهي الأحكام متنوعة ومتفاوتة أما الأصل فمتحد الذي هو عبادة الله، وتوحيده، والإيمان به، والإيمان برسله، والإيمان بملائكته، واليوم الآخر، والكتب، والإيمان بالقدر، والإيمان بإقامة الدين والاجتماع عليه وإقامة الشريعة وطاعة الرسول فيما جاء به، هذا أمر متفق عليه بين الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهذه أصول اجتمعوا عليها ودعوا إليها، كما قال الله جل وعلا: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].
هذه دعوتهم جميعا يدعون الناس إلى عبادة الله والتوجه إليه وتوحيده في العبادة دون كل ما سواه في كل شيء من صلاة وصوم وغير ذلك، وقال : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].

وقال : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران:81، 82].

وقال : قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَىى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136]
فعلم بذلك أن الرسل جاءوا  بهذا وأن علينا أن نؤمن بذلك وأن نقبل ذلك وألا نفرق بين الرسل في هذه الأشياء، كما قال : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285].

فلما كانت الشرائع مختلفة متنوعة على حسب حكمة الله وعلمه بأحوال العباد، وعلى حسب الظروف في الأمم المرسلة إليهم الرسل، وأحوالهم وعقولهم، ومدى تحملهم للشرائع والتكاليف كانت الشرائع مختلفة قد يجب في هذه الشريعة ما لا يجب في هذه الشريعة، وقد يحرم في هذه الشريعة ما لا يحرم في هذه الشريعة لحكمة بالغة وأسرار عظيمة اقتضتها حكمة الله وعلمه وقدرته وكمال إحسانه وجوده جل وعلا.

وقد يكون بعض التشديد في بعض الشرائع وبعض الآصار والأغلال لحكم وأسرار اقتضت ذلك، وقد يكون من أسباب ذلك عصيان الأمة التي أرسل إليها الرسول وجرأتها على الله وعدم مبالاتها بأوامره ونواهيه فيشدد عليهم في التشريع لأسباب ذلك، كما قال : فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ۝ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:160، 161] فبين سبحانه أنه حرم على بني إسرائيل من اليهود طيبات أحلت لهم بأسباب أعمالهم الخبيثة.

ولما كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو الخاتم للأنبياء والرسل جميعا كانت شريعته أكمل الشرائع وأتمها، لكونها شريعة خاتمة للشرائع، ولكونها شريعة عامة لجميع الأمة إلى يوم القيامة، فلما كان عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين وكان رسولا عاما إلى جميع الثقلين اقتضت حكمة الله سبحانه أن تكون شريعته أوفي الشرائع وأكملها وأتمها انتظاما لمصالح العباد في المعاش والمعاد فهو عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] وتواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه خاتم النبيين، وهذا أمر بحمد الله مجمع عليه ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام.

وقد أجمع المسلمون على أن من ادعى النبوة بعده فهو كافر كاذب يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا. والله  قد أرسله إلى الناس كافة بإجماع المسلمين أيضا، وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أنه عليه الصلاة والسلام رسول الله إلى الجميع، إلى العرب والعجم والأحمر والأسود والجن والإنس هو رسول الله إلى الجميع من حين بعثته عليه الصلاة والسلام إلى أن تقوم الساعة، كما يدل على ذلك قوله جل وعلا: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158] فعلق الله جل وعلا الهداية على إتباعه والإيمان به فعلم أن لا هداية ولا إيمان إلا من طريق إتباع محمد عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه بعد ما بعثه الله.

قال : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]  أمر الله نبيه ﷺ أن يقول للناس قُلْْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] فعلم أنه لا طريق إلى محبة الله ومغفرته إلا بإتباعه عليه الصلاة والسلام، وقال جل وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28] يعني إلى الناس كافة.

وقال جل وعلا: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان:1] فأخبر جل وعلا أنه نذير للعالمين، والعالمون: هم جميع الناس، وقيل إنه القرآن، وقيل إنه الرسول، وكلاهما حق، فهو نذير للعالمين والقرآن نذير للعالمين. فهو نذير، وكتابه نذير للعالمين للمخلوقات كلها العقلاء المكلفين من الجن والإنس.
وفي الصحيحين عن جابر  قال: قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري  أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة أنه رسول الله إلى الجميع، إلى اليهود والنصارى والعرب والعجم وجميع أجناس بني آدم وجميع الجن، من أجاب دعوته وسار في سبيله فله النجاة والسعادة والعاقبة الحميدة، ومن حاد عن سبيله فله الخيبة والندامة والنار، كما قال جل وعلا: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13، 14].

وقال : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَاا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7] وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: كل أمتي يدخلون الجنة إلا منن أبى قيل: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى وما ذلك إلا لأن رسالته عامة وهو خاتم النبيين، لهذا كله كانت شريعته أكمل الشرائع وكانت أمته خير الأمم، كما قال جل وعلا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110].

وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] فأخبر سبحانه أنه أكمل لهذه الأمة دينها، والأديان السابقة كل واحد مكمل بالنسبة إلى الرسول الذي أرسل به والقوم الذين أرسل إليهم إكمالا يناسبهم ويليق بظروفهم وأحوالهم، أما بالنسبة إلى هذه الأمة فقد أكمل لها الدين في جميع المعاني، وجعله دينا صالحا لجميع ظروفهم وأحوالهم وغناهم وفقرهم وحربهم وسلمهم وشدتهم ورخائهم، وفي جميع أصقاع الدنيا وفي جميع الزمان إلى يوم القيامة.

وقد أردت أن أذكر شيئا يسيرا من محاسن هذه الشريعة وأسرارها العظيمة. أما الاستقصاء فلا يخفى على من له أدنى علم أنه لا يمكن أن يستقصي أحد محاسن هذه الشريعة، كيف يستطيع أحد أن يحصي فضائلها وهي شريعة من حكيم عليم قد علم كل شيء فيما مضى وفيما يأتي إلى يوم القيامة، وهو العالم بأحوال عباده وأسرار تشريعه ، ولكن حسب طالب العلم أن يذكر شيئا من محاسن هذه الشريعة فالله جل وعلا قال: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۝ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ [الجاثية:18، 19] أخبر الله  أنه جعل نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام على شريعة من الأمر، والمعنى: على طريقة بينة واضحة ظاهرة من الأمر أي: من الدين القويم وهو دين الإسلام، ثم قال: فاتبعها أي الزمها وتمسك بها، وهو أمر له عليه الصلاة والسلام وأمر لجميع الأمة بذلك، فالأمر له أمر لنا إلا ما دل الدليل على تخصيصه به عليه الصلاة والسلام.

ثم قال: وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الجاثية:18] يحذر سبحانه من إتباع أهواء الناس وكل من خالف الشريعة فهو من الذين لا يعلمون، ثم بين جل وعلا أن الناس لن يغنوا عنه من الله شيئا، يعني: لو مال إليهم واتبع أهوائهم والله يعصمه من ذلك فلن يغنوا عنه من الله شيئا. فالأمر بيد الله وهو القادر على كل شيء جل وعلا، فلا يمنع أحد رسوله عليه الصلاة والسلام مما أراده الله به من عزة ونصر.

فالمقصود من هذا بيان أن النصر والتأييد بيده  وأنه كفيل بنصره وتأييده وتبليغ رسالته، وأن الناس مهما كانوا من قوة وكثرة فلن يغنوا عنه من الله شيئا فلا وجه للميل إليهم وإتباع أهوائهم وهذا من باب التحذير وإلا فالرسول ﷺ معصوم من إتباع أهوائهم فالله قد عصمه وصانه وحماه وأيده، ولكن المقصود تعليمنا وإرشادنا أن السعادة والنجاة والقوة والعزة والسلامة في إتباع الشريعة والتمسك بها والدعوة إليها والحفاظ عليها.

والشريعة في اللغة العربية: الطريقة الظاهرة البينة الموصلة إلى النجاة، وتطلق الشريعة في اللغة العربية أيضا على الطريق الموصل إلى الماء وما ذلك إلا لأنه يوصل إلى الحياة، كما قال جل وعلا: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء:30] فالشرائع التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام طرق ظاهرة بينة واضحة لمن تأملها، توصل من استقام عليها واتبعها وأخذ بها إلى النجاة والسعادة والحياة الطيبة الكريمة في الدنيا والآخرة، فشريعة نبينا عليه الصلاة والسلام أفضلها وأكملها وليس فيها آصار ولا أغلال قد وضع الله عن هذا النبي وعن أمته الآصار والأغلال فلله الحمد والمنة شريعة سمحة، كما قال في الحديث الصحيح: بعثت بالحنيفية السمحة، وقال عليه الصلاة والسلام: إن هذا الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، وقال لما بعث معاذا وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا فهذه الشريعة: شريعة التيسير، وشريعة المسامحة، وشريعة الرحمة والإحسان، وشريعة المصلحة الراجحة، وشريعة العناية بكل ما فيه نجاة العباد وسعادتهم وحياتهم الطيبة في الدنيا والآخرة.

فالله جل وعلا بعث نبينا وإمامنا محمدا عليه الصلاة والسلام بشريعة كاملة منتظمة للمصالح العاجلة والآجلة، فيها الدعوة إلى كل خير، وفيها التحذير من كل شر، وفيها توجيه العباد إلى أسباب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وفيها تنظيم العلاقات بين العباد وبين ربهم وبين أنفسهم تنظيما عظيما حكيما، وأهم ذلك وأعظمه ما جاءت به الشريعة العظيمة الكاملة من إصلاح الباطن وتوجيه العباد إلى ما فيه صلاح قلوبهم واستقامتهم على دينهم، وإيجاد وازع قلبي إيماني يزعهم إلى الخير والهدى ويزجرهم عن أسباب الهلاك والردى، فالله  أمر الناس في كتابه الكريم بما فيه صلاح القلوب وإصلاح البواطن وعنيت الشريعة بهذا أعظم عناية، وفي الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ من ذلك ما يشفي ويغني.

وما ذلك إلا لأن صلاح الباطن واستقامة القلوب وطهارتها هو الأصل الأصيل والركيزة العظيمة لإصلاح العبد من جميع الوجوه، وتأهيله لتحمله الشريعة وأداء الأمانة وإنصافه من نفسه، ولأدائه الحق الذي عليه لإخوانه، فكل عبد لا يكون عنده وازع قلبي من إيمان يزعه إلى الخير ويزجره عن الشر لا تستقيم حاله مع الله ولا مع العباد، ولهذا جاءت الآيات القرآنية الكريمة بالحث على خشية الله وخوفه ومراقبته ورجائه ومحبته والتوكل عليه سبحانه والإخلاص له والإيمان به، وعلق سبحانه على ذلك المغفرة والجنة والرضا والكرامة، لماذا؟

لأن العبد إذا استقام قلبه على الإخلاص لله ومحبته والإيمان به وخشيته والتوكل عليه ومراقبته في جميع الأحوال، إذا استقام قلب العبد على هذا سارع إلى أوامر الله وتقبل توجيه ربه وتوجيه رسوله عليه الصلاة والسلام بكل انشراح وبكل رضا وبكل طمأنينة من دون قلق ولا ضعف، بل يستقبل ذلك بقوة وارتياح وانبساط، كما قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك:12] يحثهم سبحانه في هذا على أن يخشوه جل وعلا ويعظموه ويراقبوه، وقال : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46].

وقال : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2، 3] وقال : فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهََ الْكَافِرُونَ [غافر:14].

وقال : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] وكل هذه آيات مكية يوجه الله بها العباد إلى الإخلاص له والإيمان به وخشيته ورجائه .

ويقول الله : وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23] ويقول جل وعلا: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] ويقول سبحانه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] ففي هذه الآيات حث الناس على محبة الله واستحضار عظمته والتوكل عليه والتفويض إليه، فالعبد إذا عرف الله حق المعرفة بأسمائه وصفاته وعظيم حقه، وتوكل عليه وفوض إليه أمره واعتمد عليه، مع مسارعته إلى الأخذ بالأسباب والعمل بها فالمتوكل قد فوض أمره إلى الله واعتمد على ربه  وسارع إلى فعل الأوامر وترك النواهي والأخذ بالأسباب والعناية بها حتى يؤدي الواجب على أكمل وجه عن إخلاص لله وعن محبة له واعتماد عليه وعن ثقة به ، وقال : ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30] وقال : ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] هذا كله يورث القلوب وازعا عظيما من تعظيم شعائر الله ومن تعظيم حرمات الله، حتى يكون عند العبد وازع من قلبه ودافع من خشيته وحافز من إيمانه إلى أداء الواجبات وإلى ترك السيئات وإلى الإنصاف من نفسه وإلى أداء الأمانة أداء الحق الذي عليه لأخيه.

ثم إنه  مع ذلك كله شرع للناس عبادات تصلهم بالله وتقربهم لديه وتزكيهم وتقوي في قلوبهم محبته والتوكل عليه والأنس بمناجاته وذكره والتلذذ بطاعته ، شرع لهم الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر لما في ذلك من استشعار تعظيم الذي شرع هذه العبادة التي بها تطهيرهم من ذنوبهم وتطهيرهم من أحداثهم وتنظيفهم وتنشيطهم على العمل، وجعل هذه الطهارة مفتاحا للصلاة التي هي أعظم عبادة وأكبر عبادة بعد الشهادتين وشرع لهم الصلاة في أوقات معينة خمسة وكانت في الأصل خمسين، فالله جل وعلا قد لطف بعباده ويسر ورحم فجعلها خمسا بدل خمسين، وكتب لهم سبحانه أجر الخمسين وجعلها في أوقات متعددة حتى لا يغفل العبد عن ذكر ربه وحتى لا ينسى ربه.

الفجر في أول النهار بعد قيامه من النوم، وعند فراغ قلبه يقبل على آيات الله وسماعها ويستمع للإمام في صلاة الفجر وهو يقرأ جهرا وينتفع بذلك، ويبدأ نهاره بذكر الله وطاعته  فيكون في هذا عون له على ملاحظة حق الله وعلى تعظيم حرمات الله في صحوته وفي أعماله وفي بيعه وشرائه وغير ذلك، ثم يجيء وقت الظهر فيعود إلى الصلاة وإلى الذكر وإلى العبادة، وإن كان هناك غفلة زالت بعوده إلى هذه العبادة، ثم كذلك العصر بينما هو قد اشتغل بأعمال داخلية أو خارجية فإذا الوقت الآخر قد حضر فينتبه ويرجع إلى ذكر الله وطاعته ، ثم يأتي المغرب، ثم يأتي العشاء فلا يزال في عبادة وذكر فيما بين وقت وآخر يذكر فيها ربه ويحاسب فيها نفسه ويجاهدها لله ويتقرب إليه بالأعمال التي يحبها الله .

وشرع له مع ذلك عبادات أخرى بين هذه الأوقات كصلاة الضحى وراتبة الظهر والمغرب والعشاء والتهجد بالليل، إلى أنواع من العبادات والصلاة والأذكار والاستغفار والدعاء تذكره بالله وتعينه على طاعته وذكره  هذا كله من فضله جل وعلا وعظيم إحسانه، ثم جعل تعالى لهذه الصلاة نداء عظيما على رؤوس الأشهاد ليتضمن تعظيم الله سبحانه بالتكبير والشهادة له بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، وفيه الدعوة إلى هذه الصلاة بقوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم التكبير لله، ثم الشهادة له بالوحدانية  فجعل أصل الدين الذي هو الإقرار بالشهادتين دعوة للصلاة ونداء لها، فالعباد ينتبهون بهذا الذكر وبهذا النداء في بيوتهم وفي مضاجعهم وفي مراكبهم وفي كل مكان ينبهون لهذه العبادة ولحق الله وعظمته بهذا النداء العظيم الذي لا يسمعه شجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد لصاحبه يوم القيامة، كما جاء بذلك الحديث الشريف عن رسول الله ﷺ، ثم شرع الله للناس أيضا زكاة وجعلها حقا في أموالهم يربط الأغنياء بالفقراء ويصلهم بهم، وفي ذلك فوائد كثيرة:

    منها: مواساة الفقراء، والإحسان إليهم.
    ومنها: مواساة أبناء السبيل.
    ومنها: مواساة المؤلفة قلوبهم وتقوية إيمانهم ودعوتهم إلى الخير.
    ومنها: مساعدة مالكي الرقاب على العتق وفك الأسارى.
    ومنها أيضا: مساعدة الغارمين على قضاء ديونهم.
    ومنها: مساعدة الغزاة على الجهاد في سبيل الله، فهي حق عظيم في المال يزكي صاحبه وينمي ثروته ويرضي ربه والله مع هذا يخلفه عليه  بأحسن خلف مع هذه الفوائد العظيمة، قال : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

ففي هذه الفريضة وفي هذا الحق شكر لله  على نعمه وقربه إليه  بأداء هذا الحق والإنفاق من المال طاعة لله وإخلاصا له وتقرب إليه جل وعلا، ومع ذلك في نفس الوقت فيه إحسان للعباد ومواساة لهم ومساعدة على كل خير.

أما الصوم فكلكم يعلم ما فيه من الخير العظيم والمصالح الكبيرة التي منها:

    تطهير النفس من أشرها وبطرها وشحها وبخلها وكبرها.
    ومن ذلك: أن الصائم يعرف بالصيام حاجته وضعفه وشدة ضرورته إلى ما أباح الله له من الطعام والشراب وغيرهما.
    ومنها: تذكر العبد بإخوانه الفقراء والمحاويج حتى يواسيهم ويحسن إليهم.
    ومنها: تمرين العبد على مخالفة الهوى وتعويده الصبر على ما يشق على النفس إذا كان في ذلك طاعة ربه ورضاه، فالصائم في الصيام يخالف هواه ويجاهد نفسه ويعودها الصبر عما يوافق هواها من مأكل ومشرب ومنكح في طاعة ربها ومولاها .

وفي الصوم من الفوائد والحكم والأسرار ما لا يحصيه إلا الله ، وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: كل عمل ابن آدم لهه الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف يقول الله  إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه منن أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطرة وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك والأحاديث في فضله وعظم شأنه كثيرة.

أما الحج ففيه من الفوائد العظيمة من الصلة بالله والتقرب إليه ومفارقة الأوطان والأهل والعشيرة لأداء هذه الفريضة العظيمة وزيارة البيت العتيق ما لا تحيط به العبارة، فإنه في هذه العبادة يركن الأخطار ويقطع الفيافي والقفار ويشق الأجواء يرجو رحمة ربه ويخاف عقابه  فما أحراه بالثواب الجزيل والأجر العظيم من المولى الكريم ، أما ما شرع الله سبحانه في هذه العبادة من: الإحرام والتلبية، واجتناب كثير من العوائد، وكشف الرجل رأسه، وخلع الثياب المعتادة، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات ورمي الجمار والتقرب إلى الله سبحانه بذبح الهدايا، إلى غير ذلك مما شرع الله في الحج فمما شهدت العقول الصحيحة والفطر المستقيمة بحسنه وأنه لا حكمة فوق حكمة من شرعه وأمر به عباده.

يضاف إلى ذلك ما في الحج من اتصال المسلمين بعضهم ببعض، وتشاورهم في كثير من أمورهم وتعاونهم في مصالحهم العاجلة والآجلة واستفادة بعضهم من بعض، إلى غير ذلك من الفوائد، فكل ذلك شاهد للذي شرعه بأنه سبحانه أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وكل ذلك من جملة منافع الحج التي أشار إليها سبحانه بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28] فالحج مؤتمر إسلامي عظيم وفرصة للمسلمين ينبغي أن يستغلوها في شتى مصالحهم وأن يستفيدوا منها لأمر دنياهم وأخراهم، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك وأن يجمع كلمتهم على الهدى إنه خير مسؤول وأكرم مجيب.

وقد سبق لنا أن ذكرنا أن الله جل وعلا أمر الرسل بإقامة الدين، فالرسل بعثوا لإقامة الدين ونبينا محمد ﷺ هو أكملهم في ذلك وهو إمامهم وسيدهم وخاتمهم بعث لإقامة الدين أيضا فهذه العبادات وهذه التوجيهات من الله  كلها لإقامة الدين، وأن يكون عندك وازع إيماني يحملك على أداء الواجبات ومعاملة إخوانك بأحسن المعاملات، وعلى إنصافهم وأداء حقوقهم، وعلى أداء الأمانة في كل شيء والرجوع إلى الله في كل شيء حتى تكون عبدا ممتثلا سائرا على الوجه الذي شرعه الله لا تتبع هواك ولا تقف عند حظك.

ومما يتعلق بما تقدم قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فأخبر عليه الصلاة والسلام أن صلاح العبد بصلاح قلبه فمتى صلح قلبه استقام العبد مع الله  ومع العباد، ومتى خبث القلب وفسد خبث العبد وفسدت حاله، وهذا يبين لنا ما تقدم من أن هذه الشريعة عنيت عناية عظيمة بأسباب إصلاح القلوب.
وقال عليه الصلاة والسلام: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فبين عليه الصلاة والسلام أن موضع النظر من ربنا : القلب والعمل، أما مالك وبدنك فلا قيمة لهما وليسا محل النظر إلا إذا استعملت مالك وبدنك في طاعة ربك، وإنما محل النظر قلبك وعملك، فإذا استقام قلبك على محبة الله وخشيته ومراقبته والإخلاص له استقامت أعمالك واستقام أمرك، وإن كانت الأخرى فسدت حالك وفسد عملك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم إن هذه الشريعة العظيمة أيضا نظمت العلاقات بين الأسرة في نفسها، أسرة الإنسان وقراباته بما شرع الله من صلة الرحم والمواريث، والتعاون فيما بين الأسرة حتى تكون مرتبطة متعاونة على ما يرضي ربنا ، متحابة فيما بينها هذا من رحمته وإحسانه جل وعلا أن جعل بين ذوي القرابات صلة خاصة تصل بعضهم ببعض وتجمع بعضهم إلى بعض وتربط بعضهم ببعض، فشرع صلة الرحم وحث على ذلك وتوعد على ترك ذلك، فقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم، وقال جل وعلا في كتابه العظيم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] وفي الحديث أيضا: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له فيي أجله فليصل رحمه.

وهكذا شرع العلاقات الطيبة بين المسلمين في جميع المعاملات فجعلهم إخوة يتحابون في الله ويتعاونون على الخير في جميع المجالات. وهذه أعظم صلة وأعظم رابطة بين المسلمين، الرابطة الإسلامية والأخوة الإيمانية وهي أعظم رابطة وهي فوق رابطة القرابة والصداقات وكل رابطة بين الناس، فالرابطة الإسلامية والأخوة بين المسلمين فوقها، فالله  جعل المسلمين فيما بهم إخوة وأوجب عليهم أن يحب بعضهم لبعض، الخير ويكره له الشر، وأن يكونوا فيما بينهم متحابين متناصحين متعاونين حتى يكونوا كتلة واحدة وجماعة واحدة وصف واحدا وأمة واحدة إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:92].

ويقول جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] ويقول : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَاا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] فيأمرهم بالاجتماع والاعتصام بحبل الله وهو دينه سبحانه.

ويقول : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] فبين  أن الواجب على الجميع أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يكونوا أولياء لا غل بينهم ولا حقد ولا حسد ولا تباغض، ولا تقاطع، لكن أولياء يتناصحون ويتعاونون على الخير. وهذا هو التضامن الإسلامي الذي يدعو إليه كل مسلم وكل مخلص لدينه وكل مؤمن وكل محب للإسلام.

فالتضامن الإسلامي هو التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والتناصح في الله والتكافل والتكاتف على كل ما فيه صلاح المسلمين ونجاحهم وحفظ حقوقهم وإقامة كيانهم وصيانتهم من شر أعدائهم، هذا هو التضامن وهذا هو التعاون أن يكون المسلمون حكومات وشعوبا متعاونين على البر والتقوى متناصحين في الله متحابين فيه متكاتفين على كل ما يقيم دينهم ويحفظ كيانهم ويوحد صفوفهم ويجمع كلمتهم وينصفهم من عدوهم ويورثهم العزة والكرامة، فبهذا الاجتماع وهذا التعاون يحميهم الله من شر أعدائهم ومكائدهم ويجعل لهم الهيبة في قلوب الأعداء لاجتماعهم على الحق وتعاونهم وتكاتفهم وتناصرهم على دين الله مخلصين لله قاصدين وجهه الكريم لا لغرض آخر كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] وقال : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:40، 41] فهو  علق نصرهم وحفظهم وحمايتهم بنصرهم دينه واجتماعهم على دينه وتعاونهم واعتصامهم بحبل الله ؛ فبالتضامن الإسلامي والتعاون الإسلامي كل خير وكل عزة في الدنيا والآخرة للمسلمين إذا صدقوا في ذلك وتعاونوا عليه.

ومن محاسن هذه الشريعة أيضا أن جعلت المؤمن أخا المؤمن ينصح له ويحب له الخير، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ويعينه على الخير ويمنعه من الشر، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقال جل وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] فالمؤمن أخو المؤمن يعينه على الخير والدعوة إليه وينهاه عن الشر ويأخذ على يديه، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله نصرتهه مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصره فنصر الظالم منعه والأخذ على يديه.فالمسلمون قاموا بهذا وتعاونوا عليه حصل لهم الخير العظيم والعزة والكرامة وجمع الكلمة وهيبة الأعداء والعافية من مكائدهم.

ومن محاسن هذه الشريعة أيضا أنها جعلت للمعاملات بين المسلمين نظاما حكيما يتضمن العدل والإنصاف وإقامة الحق فيما بينهم من دون محاباة لقريب أو صديق، بل يجب أن يكون الجميع تحت العدل وتحت شريعة الله لا يُحابى هذا لقرابته ولا هذا لصداقته ولا هذا لوظيفته ولا هذا لغناه أو فقره، ولكن على الجميع أن يتحروا العدل في معاملاتهم من الإنصاف والصدق وأداء الأمانة، كما قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ [النساء:135] أي بالعدل شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا [النساء:135]، وقال جل وعلا: وَإِذَا قُلْتُمْْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا [الأنعام:152] فالله جل  شرع للجميع أن يتعاملوا بالعدل والإنصاف، وأن يقيموا الحق فيما بينهم على طريق العدل والقسط من دون محاباة لزيد أو عمرو أو صديق أو قرين أو كبير أو صغير.

ومن محاسن هذه الشريعة وعظمتها وصلاحها لكل أمة ولكل زمان ومكان أن علق  معاملاتهم على جنس العقود وجنس البيع وجنس الإجارة، ونحو ذلك من دون أن يحدد لهذه العقود ألفاظا معينة خاصة، حتى يتعامل كل قوم وكل أمة بما تقتضيه عوائدهم وعرفهم ومقاصدهم ولغتهم، وما يقتضيه النظر في العواقب، فجعل لمعاملاتهم عقودا شرعها لهم  ولم يحدد ألفاظا بل جعلها مطلقة.

كما شرع لهم في أنكحتهم وطلاقهم ونفقاتهم ودعاواهم وخصوماتهم نظاما حكيما يتضمن الإنصاف والعدل، وأن تراعى في ذلك العوائد والعرف والاصطلاحات والبينات والمقاصد والظروف والأزمنة والأمكنة في حدود الشريعة كاملة حتى لا يقضي على أحد بغير حق، فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فأطلق العقود، وقال جل وعلا: وَأَحَلََّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] وقال جل وعلا: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق:6] وجاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالمساقاة والمزارعات والشركات والجعالات والضمانات والأوقاف والوصايا والنكاح والطلاق والرضاع وغير ذلك بما يطابق ما جاء به القرآن الكريم.

وهذه الأنظمة التي جاء بها القرآن وصحت بها السنة أنظمة واضحة بينة يستقيم عليها أمر العباد وتصلح لهم في كل زمان ومكان ولا مختلف عليهم، بل يكون لهؤلاء عرفهم في بيعهم وشرائهم ونكاحهم وطلاقهم وأوقافهم ووصاياهم وغير ذلك حتى لا يربط هؤلاء بهؤلاء ولا هؤلاء بهؤلاء، كما قال جل وعلا تنبيها على هذا المعنى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] يعني بالمتعارف.
وقال النبي ﷺ في حديث خطبته العظيمة في حجة الوداع ولهن عليكم (أي للزوجات) رزقهن (أي كسوتهن) بالمعروف وقال جل وعلا: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15] لإقامة الحجة وقطع المعذرة.
وقال : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ [التوبة:115] وقال : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكََ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44] فبين  أنه لابد من بيان، ولا بد من إقامة حجة حتى لا يؤخذ أحد إلا بعد إقامة الحجة عليه.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في هذا المعنى في كتابه: (إعلام الموقعين) فصلا عظيما بين فيه أن الشريعة راعت عوائد الناس ومقاصدهم وعرفهم ولغتهم حتى تكون الأحكام والفتاوى على ضوء ذلك، فقد يكون عرف هذه البلدة وهذا الإقليم غير عرف الإقليم الآخر والبلدة الأخرى.

وقد يكون لهذا الشخص من النيات والمقاصد ما ليس لشخص آخر ويكون لهؤلاء من العوائد ما ليس للآخرين، وقد تكون أزمان لا يليق أن يفعل فيها ما يليق أن يفعل في الزمن الآخر كما كانت الدعوة في عهد النبي ﷺ في مكة غير حالها في المدينة لاختلاف الزمان والمكان والقوة والضعف، وهذا من عظيم حكمة الله جل وعلا ورعايته لأحوال عباده، فقد يقصد بعض الناس بألفاظ البيع والهبة ما يقصد به آخرون معنى آخر أو عقد آخر، وهكذا في الطلاق والإجارة وغير ذلك، وهكذا بعض الأزمان قد يسوغ فيها ما لا يسوغ في أزمان أخرى، ومثل لذلك بأمثلة منها إقامة الحد في أرض العدو إذا وجد من بعض الغزاة ما يوجب الحد في أرض العدو، فقد نهى النبي ﷺ عن إقامة الحد في أرض العدو. لماذا؟ لأنه قد يغضب ويستولي عليه الشيطان فيرتد عن دين الإسلام لذلك ولقربه من العدو.
ومن ذلك عام المجاعة فإذا كان عام مجاعة واشتدت الحال بالناس لا ينبغي القطع في هذه الحالة للسارق إذا ادعى أن الذي حمله على ذلك الضيق والحاجة وعدم وجوده شيئا يقيم أوده ويسد حاجته، لأن هذا شبهة في جواز القطع، والحدود تدرأ بالشبهات. ولهذا أمر عمر رضي الله عنه وأرضاه في عام الرمادة بعدم القطع، وحكم بذلك رضي الله عنه وأرضاه لهذه الشبهة.

وهكذا تعتبر العواقب كما قال الله سبحانه: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2] وقال تعالى: فَاصْبِرْ إِنََّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49] وقال سبحانه: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108] فلابد من رعاية العواقب، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله أن الإنسان إذا كان أمره بالمعروف في بعض الأحيان قد يفضي إلى وجود ما هو أنكر من المنكر الذي يريد أن ينهي عنه، فإنه لا يجوز له أن ينه عن المنكر في هذه الحالة إذا كان إنكار المنكر يفضي إلى ما هو أنكر منه وأشد، فإنك في هذه الحالة لا تنكره لئلا يقع ما هو أنكر منه وهذا من باب مراعاة العواقب. فإذا كان إنسان مثلا يشرب الخمر ولكنك إذا نهيته عن ذلك ومنعته عن ذلك ومنعته منه اشتغل بقتل الناس فحينئذ يكون ترك الإنكار عليه أولى. لأن شرب الخمر أسهل من كونه يتعدى على الناس بالقتل.

والمقصود أن الواجب الرعاية للعواقب كما تراعى عوائد الناس وظروفهم وأحوالهم ومقاصدهم ونياتهم في عقودهم وتصرفاتهم فيما بينهم، وفي إقامة الحدود وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يراعى في ذلك تحصيل المصالح ودرء المفاسد، وتحصيل المصلحة الراجحة بتفويت المصلحة المرجوحة وتعطيل المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى عند العجز عن تفويتهما جميعا، هذه أمور عظيمة جاءت بها هذه الشريعة الكاملة، ولا شك أن ذلك من محاسنها، ويجب على ولاة الأمور وعلى كل من له تصرف في أمر الناس أن يراعوها من قاض ومفت وأمير وغيرهم هذا كله من محاسن هذه الشريعة العظيمة.

ومن محاسنها أيضا أنها جعلت للناس الحرية في الكسب والأخذ والعطاء فيكتسب المسلم ويأخذ ويعطي في حدود الشريعة، كما قال تعالى: لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [البقرة:286] له غنم ما أخذ وعليه غرمه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من سؤال الناس أعطوه أو منعوه فحث على الكسب وبين أنه خير من سؤال الناس. ولما سئل عليه الصلاة والسلام أي الكسب أطيب قال: عمل الرجل بيدهه وكل بيع مبرور. وقال عليه الصلاة والسلام: ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده عليه الصلاة والسلام.

فالشريعة الإسلامية حبذت الكسب والعمل ودعت إلى الكسب والعمل وجعلت العامل أحق بكسبه وماله، وحرمت على الإنسان ذم أخيه وماله وعرضه إلا بحق. وهذا كله من محاسن هذه الشريعة وعظمتها أنها صانت أموال الناس وأعراضهم كما صانت أبشارهم ودماءهم وأمرتهم بالكسب وحثتهم عليه، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا أو كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان خرجه مسلم في صحيحه.

ولو ذهبت أذكر ما يتعلق بعظمة هذه الشريعة ومحاسنها ورعايتها لمصالح العباد في أمر المعاش والمعاد لطال بنا المقام كثيرا، ولكن هذه إشارة قليلة تكفي اللبيب في التعرف على عظمة هذه الشريعة ورعايتها لأحوال العباد ومصالحهم في الحاضر والمستقبل، ومن ذلك أيضا ما جاء في هذه الشريعة من الأمر بالتوبة، لأن فيها إصلاح الماضي والعافية من شره، وقد كان من توبة بعض الماضيين قتل النفوس، فرحم الله هذه الأمة وجعل توبتهم الندم والإقلاع والعزيمة على عدم العودة إلى السيئة مع رد المظالم إلي أهلها، هذا من إحسان الله ورحمته جل وعلا لهذه الأمة، وهذا من محاسن هذه الشريعة أن جعلت لك أيها الإنسان فرجا ومخرجا من ذنوبك وسيئاتك بالتوبة النصوح والاستغفار والرجوع إليه  والعمل الصالح.

ومن تأمل هذه الشريعة في مواردها ومصادرها ونطر ما جاءت به من الأحكام العظيمة العادلة والإحسان إلى الخلق ورعاية الفقراء والمحاويج والصغار والكبار وغيرهم حتى البهائم اعتنت بها الشريعة وحرمت ظلمها والتعدي عليها، عرف أنها شريعة من حكيم حميد خبير بأحوال عباده عليم بما يصلحهم، وعرف أيضا أنها من الدلائل القاطعة على وجوده  وكمال قدرته وحكمته وعلمه، وعلى صدق رسوله محمد ﷺ وأنه رسول الله حقا.

وهكذا من نظر في ما جاءت به الشريعة من رعاية في أحوال العباد أغنيائهم وفقرائهم ملاكهم وعمالهم، حكامهم ومحكوميهم أفرادهم وجماعاتهم، قد راعتهم جميعا وجعلت لهم أحكاما مبنية على المصلحة والعدالة والإنصاف والإحسان والرحمة فهذه الشريعة كلها مصالح، كلها حكم، كلها هدى، كلها عدل، وكل شيء خرج من العدل إلى الجور ومن المصلحة إلى العبث ومن الرحمة إلى ضدها فليس من الشريعة في شيء وإن نسب إليها بالتأويل كما ذكر معنى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله، فالشريعة كلها رحمة وعدل وحكمه، وكلها رعاية لمصالح العباد بعيدة عن العبث والظلم والمشقة.

ومن تأمل ما تقدم عرف ما أردته في الشق الثاني من عنوان هذه المحاضرة، وهو أن البشر في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة لما اشتملت عليه من المصالح العظيمة وأنها راعت مصالح العباد في المعاش والمعاد، وهيأت لهم السبل التي توصلهم إلى النجاة والسعادة، وبين  في كتابه أن شريعته صراط مستقيم، صراط واضح ومنهج قيم من استقام عليه نجا، ومن حاد عنه هلك، ومن تأمل هذا حق التأمل عرف أن هذه الشريعة كسفينة نوح  من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، فهكذا هذه الشريعة العظيمة من تمسك بها واستقام عليها نجا، ومن حاد عنها هلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وبذلك يتضح للبيب أن العباد جميعا في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة، لما فيها من حل مشاكلهم، ولما فيها من أحكام عادلة، ولما فيها من التوسط بين الاشتراكية الإلحادية الماركسية المنحرفة وبين الرأسمالية الغاشمة الظالمة، فهي وسط في كل شيء، وسط في اقتصادها بين اشتراكية الملحدين وماديتهم وبين، الرأسمالية الغاشمة التي لا حدود لها، فهي وسط بين طرفين، عدل بين جورين، وكذلك وسط في جميع أمورها لا تطرف في غلو ولا تطرف في جفاء، بل هي وسط في شأنها كله هذه الشريعة العظيمة وسط في الإنفاق والإمساك لا إسراف وتبذير ولا إمساك وتقتير، بل هي وسط بين ذلك، كما قال تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29] وكما قال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنََ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67].

فمن تأمل هذا الأمر وعني به عرف أنها دين ودولة، ومصحف وسيف، عبادة وحسن معاملة، جهاد وأعمال صالحة، إنفاق وإحسان وطاعة لله  والرسول ﷺ، توبة من الماضي وعمل للمستقبل فيها كل خير فهي جمعت خير الدنيا والآخرة، لا يجوز أن يفصل ديننا عن دنيانا ولا دنيانا عن ديننا، بل ديننا ودنيانا مرتبطان ارتباطا وثيقا في هذه الشريعة، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] فهي حاكمة على الناس كلهم، على الأمراء وغير الأمراء، على الأفراد وعلى الجماعات، عليهم جميعا أن يكونوا تحت حكمها وتحت سلطانها في كل شيء، ومن زعم فصل الدين عن الدولة وأن الدين محله المساجد والبيوت، وأن للدولة أن تفعل ما تشاء وتحكم بما تشاء فقد أعظم على الله الفرية، وكذب على الله ورسوله وغلط أقبح الغلط، بل هذا كفر وضلال بعيد عياذا بالله من ذلك، بل جميع العباد مأمورون بالخضوع لأحكام الشريعة وتشريعاتها في العبادات وغيرها، ويجب على الدولة أن تكون منفذة لحكم الشريعة سائرة تحت سلطانها في جميع تصرفاتها، وعلى هذا سار النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وسار أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وسار عليه أئمة الإسلام بعد ذلك في كل شيء.

وقد جعل الله هذه الشريعة روحا ونورا وحياة للناس، وبهذا تعرف أنك في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة، وأن البشر كلهم في ضرورة إليها، لأنها الحياة، ولأنها النور، ولأنها الصراط المستقيم المفضي إلى النجاة وما عداها فظلمة وموت وشقاء، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122] فجعل من خرج عن الشريعة ميتا، وجعل من هدي إليها حيا، وجعل من أبى الشريعة في ظلمة وجعل من وفق لها في فوز وهدى، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24]  فجعل الاستجابة لله ولرسوله حياة، وجعل عدم الاستجابة موتا، فعُلم أن هذه الشريعة حياة للأمة وهي سعادة للأمة ولا حياة لهم ولا سعادة بدون ذلك.

وقال : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِيي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52] فجعل سبحانه ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام روحا للعباد تحصل به حياتهم ونورا تحصل به بصيرتهم ونجاتهم وسيرهم على الصراط المستقيم، فهذه الشريعة روح للأمة، بها حياتها وقيامها ونصرها، وهي أيضا نور لها تدرك به أسباب نجاتها وتهتدي به إلى الصراط المستقيم، والصراط المستقيم هو: الطريق الواضح الذي من سار عليه وصل إلى النجاة ومن حاد عنه هلك.

وقال : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] فبين سبحانه أن من عمل العمل الصالح عن إيمان أحياه الله حياة طيبة سعيدة، وفي هذا إشارة إلى أن حياة الكفار الذين حادوا عن الشريعة ليست حياة طيبة بل حياة خبيثة، حياة مملوءة بالهموم والغموم والأحزان والمشاكل العظيمة والفتن الكثيرة، فهي حياة تشبه حياة البهائم ليس لأهلها هم إلا شهواتهم وحظهم العاجل، فهي حياة من جنس حياة البهائم بل أسوأ وأضل، لكونهم لم ينتفعوا بعقولهم التي ميزوا بها عن البهائم، كما قال جل وعلا: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44] وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ [محمد:12].

هذه حياة من حاد عن الشريعة حياة في الحقيقة هي شبيهة بالموت لعدم إحساسهم بالواجب وعدم شعورهم بما خلقوا له، وهي حياة في ذاتها تشبه حياة البهائم لكون البهيمة لا هم لها إلا شهواتها وحظها العاجل، فهكذا الكافر المعرض عن الشريعة ليس له هم إلا شهواته وحظه العاجل، ولهذا شبه الله أهل الإيمان والهدى بالمبصرين والسامعين، وشبه من حاد عن الشريعة بالأعمى والأصم، وشبه من وفق إلى الشريعة بالحي وشبه من خالف الشريعة بالميت؛ وبهذا نعرف أيها الإخوة أن هذه الشريعة حياة البشر وسعادة البشر ونجاة البشر في الدنيا والآخرة، وأنهم في أشد الضرورة إلى اعتناقها والتزامها والتمسك بها لأن بها حياتهم ونصرتهم ونجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، ولأن فيها الحكم بينهم بالحق وإنصاف مظلومهم من ظالمهم، ولهذا كانت هذه الشريعة العظيمة أعظم شريعة وأكمل شريعة، وكان البشر في أشد الضرورة إلى أن يعتنقوها ويلتزموها، ولا حل لمشاكلهم ولا سعادة لهم أبدا ولا نجاة للمسلمين مما وقعوا فيه اليوم من التفرق والاختلاف والضعف والذل إلا بالرجوع إليها والتمسك بها والسير على تعاليمها ومنهاجها.

وأسال الله  أن يوفقنا جميعا للفقه فيها والعمل بها، وأن يهدينا جميعا وسائر عباده للأخذ بها والسير على ضوئها والاهتداء بنورها إنه جواد كريم، كما أسأله  أن يصلح ولاة المسلمين جميعا، وأن يوفقهم للتمسك بهذه الشريعة والعمل بها والتحاكم إليها والحكم بها في كل شيء، وأن يعيذنا وإياهم من بطانة السوء ومن دعاة الضلال إنه على كل شيء، قدير وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نشرت ضمن كتاب ندوة المحاضرات لرابطة العالم الإسلامي في موسم حج عام 1386هـ، ص (162 - 186)، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 2/ 216).


دعاء لراحة النفس وإزالة الهم



يحب الله العبد اللحوح الذي يردد الدعاء ويذكر الله في كل موقف في حياته، فمهما بلغت هموم الإنسان لابد من أن يلجأ إلى الله فهو القادر على تغيير حاله إلى حالٍ أفضل، ومن خلال الآتي نعرض لكم أجمل الأدعية المريحة للبال:


اللهم يا مجيب دعوة المستضعفين أشكو لك وحدك همي وحزني، اللهم اكتب لي السلامة من كل سوء وبشرني بتحقيق أحلامي، اللهم ارح بالي وقلب يا رب العالمين.

يا عالم الغيب والشهادة وحدك تعلم حالي فلا يخفى عليك أمر، أسألك أن تريح قلب من كل هم وتزيل عني الكروب والأوجاع، أدعوك ربي أن ترزقني الخير والهدى والصلاح.

اللهم يا معين أعنى على مواجهة الأيام والقدرة على تخطي الأزمات، واكتب لي العمل الصالح الذي يهدي إلى جنتك، اللهم اكتب لقلبي وبالي الراحة من كل أمرٍ يحزنني يا رؤوف يا رحيم.

لابد أن يلجأ العبد إلى ربه وكثر من الدعاء عندما يعترض طريقة أمر يحزن قلبه، فلا ملجأ له سوى الله، وهو القادر على تبديل حاله إلى حال أفضل، حيث يمكنه اللجوء إلى دعاء جميل يريح القلب لمساعدته في راحة القلب والبال وبث شكواه إلى الله.


صفات وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

صفات وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 

الجواب :

الحمد لله ،

لقد كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم  مستمدة من القرآن الكريم ، ذلك أن السيدة عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت لسائلها : أما تقرأ القرآن ؟ قال : بلى . فقالت : كان خلقه القرآن . 

وإذا كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم  هو القرآن وما جاء به ، فهيا بنا نتعرف على هذه الأخلاق : 

أولاً: التواضع :

إن التواضع في البيت النبوي قد استمد من التوجيه القرآني العظيم ، يقول الله سبحانه وتعالى : ((  وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )) [ لقمان : 18 ] 

لذلك فقد روي عن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : (( كان رسول الله يعلف الناضج ، ويعقل البعير ، ويقم البيت ، ويحلب الشاة ، ويخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويأكل مع خادمه ، ويطحن عنه إذا تعب ، ويشتري الشيىء من السوق فيحمله إلى أهله ، ويصافح الغني والفقير والكبير والصغير ، ويسلم مبتدئاً على كل من استقبله ، من صغير أو كبير ، وأسود وأحمر ، وحر وعبد )) [ إحياء علوم الدين 3 / 306 ] 

ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام أنه كان في سفر ، وأمر أصحابه بطهو شاة ، فقال أحدهم : علي ذبحها ، وقال آخر : علي سلخها ، وقال ثالث : على طبخها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( وعلي جمع الحطب )) فقالوا يا رسول الله ، نكفيك العمل ، فقال : (( علمت أنكم تكفونني ، ولكن أكره أن أتميز عليكم ، وإن الله سبحانه وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه )) [ شرح الزرقاني 4 : 265 ] 

وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( التواضع لا يزيد العبد إلا رفعةً ، فتواضعوا يرفعكم الله )) [ كنز العمال ] 

وقال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد )) [ كنز العمال ] 

ومن أقواله عليه الصلاة والسلام في الحض عل التواضع قوله : (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )) [ سيرة ابن هشام ] 

ثانيا : الصدق 

لقد كان الصدق من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والاسلام ، فقد كانت قريش تعرف محمداً قبل أن يتنزل عليه الوحي  بـالصادق الأمين . 

وحتى عندما بدأت الرسالة ، وأراد أن يدعو قريشاً اعترفت بصدقه قبل أن يتكلم عن رسالته ، فعندما صعد الصفا وقال : (( يا صباحاه )) ، كي تجتمع له قريش ، فاجتمعت على الفور وقالوا له : مالك ؟ 

قال : (( أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ ))

قالوا : بلى ، ما جربنا عليك كذباً . 

قال : (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ))

وها هو هرقل ملك الروم وإمبراطور الروم يسأل أبا سفيان في ركب من قريش بعد صلح الحديبية فيقول : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فقال أبو سفيان : لا ، فقال ملك الروم : ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله . [ تاريخ الطبري 3 : 86 ] 

وفي القرآن الكريم الصدق صفة وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله  تعالى : (( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ))  [ الاحزاب : 22 ]

قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصاقين )) [ التوبة : 119 ] 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة . . ))  [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ] 

ثالثاً : الأمانة : 

لقد أمر القرآن الكريم برد الأمانة وامتدح هذا الأمر ، وعقب على الأمر بالتخويف من الخيانة فقال عز وجل : (( ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل )).  [ النساء : 58 ] 

ان نهوض الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة التي ائتمنه الله عليها  وكلفه أن يقوم بها ، فبلغها للناس أعظم ما يكون التبليغ ، وقام بإدائها أعظم ما يكون القيام ، واحتمل في سبيلها أشق ما يحتمله بشر . 

وقد عرف الناس أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ، فكانوا يسمونه الأمين [ سيرة ابن هشام ، وتاريخ الطبري 2 / 251 ] 

ومن احدى المشاهد التي تظهر لنا امانة الرسول صلى الله عليه وسلم ان جابر ابن عبدالله قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ضحى ، فقال : (( صل ركعتين )) ، وكان لي عليه دين فقضاني وزادني  . [ فتح المبدي : 2 / 229 ] 

وقد تعددت وكثرت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تحض على الأمانة ترغيباً وترهيباً منها : 

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجره )) [ رواه البخاري ] 

رابعاً : الوفاء :

ان الوفاء بالعهد ، وعدن نسيانه أو الاغضاء عن واجبه خلق كريم ، ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم فيه بالمحل الأفضل والمقام الأسمى ، فوفاؤه ، وصلته لأرحامه كان مضرب المثل ، وحق له ذلك وهو سيد الأوفياء وإليك ما يثبت هذه الحقيقة : 

bullet

حديث عبدالله بن أبي الحمساء إذ قال : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت ثم تذكرت بعد ثلاث ، فجئت فإذا هو في مكانه، فقال : (( يا فتى لقد شققت علي أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك ))

bullet

روى البخاري في الأدب المفرد عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بهدية قال : (( اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة ، إنها كانت تحت خديجة ))

أي وفاء هذا ياعباد الله ؟ إنه يكرم أحباء خديجة وصديقاتها بعد موتها رضي الله عنها .

خامساً : العدل

لقد أمر القرآن الكريم بالعدل فقال سبحانه وتعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا )) [ المائدة : 8 ] 

وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على العدل والمساواة  في أحاديث كثيرة بعد ضرب المثل والقدوة للناس عملياً 

_ قال عليه الصلاة والسلام : (( ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة )) [ اللؤلؤ والمرجان 1 : 30 ] 

_ وقال عليه الصلاة والسلام : (( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته ))

_ وكان عليه الصلاة والسلام  يعدل ويتحرى العدل بين زوجاته ثم يعذر إلى ربه وهو مشفق خائف فيقول : (( اللهم هذا قسمي فيما أملك  فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ))

_ وكان الحسن يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحداً يقرف أحد ، ولا يصدق أحد على أحد . 

والقرف : التهمة والذنب . 

سادساً : الكرم

ان الكرم المحمدي كان مضرب الأمثال ، وكان صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً . فقد سأله رجل حلة كان يلبسها فدخل فخلعها ، ثم خرج بها في يده وأعطاه إياها . ففي صحيح البخاري ومسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : (( ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال لا . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : (( ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال لا ))

وحسبنا في الاستدلال على كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البخاري عن أبن عباس رضي الله عنهما وقد سئل عن جود الرسول وكرمه فقال :  كان رسول الله أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القرآن . 

وكيف لا يكون الحبيب صلى الله عليه وسلم أكرم الناس واجودهم على الاطلاق وقد نزل عليه قول ربه : (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) [ سبأ : 39 ] 

سابعاً : الزهد

والمراد بالزهد الزهد في الدنيا ، وذلك بالرغبة عنها ، وعدم الرغبة فيها ، وذلك بطلبها طلباً لا يشق ، ولا يحول دون أداء واجب ، وسد باب الطمع في الاكثار منها والتزيد من متاعها ، وهو ما زاد على قدر الحاجة ، وإليك هذه المواقف التي تدل على ان النبي صى الله عليه وسلم كان أزهد الناس : 

قال عليه الصلاة والسلام لعمر وقد دخل عليه فوجده على فراش من أدم حشوه ليف فقال : إن كسرى وقيصر ينامان على كذا وكذا ، وأنت رسول الله تنام على كذا وكذا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( مالي وللدنيا يا عمر ، وإنما أنا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها ))

وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح : (( لو كان لي مثل أحد ذهباً لما سرني أن يبيت عندي ثلاثا إلا قلت فيه هكذا وهكذا إلا شيئاً أرصده لدين ))

فهذا أكبر مظهر للزهد الصادق الذي كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعيش عليه ويتحلى به . 

وكان عليه الصلاة والسلام يدعو ربه قائلاً : (( اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا ))  أي بلا زيادة ولا نقصان .

وقد قالت عائشة رضي الله عنها : مات رسول الله صلى الله عايه وسلم وما في بيتي شيىء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي . 

ثامناً : أدبه وحسن عشرته : 

إن من كمال خلق المرء حسن صحبته ومعاشرته لأهله ، وكمال أدبه في مخالطته لغيره ، وقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في حسن الصحبة وجميل المعاشرة وأدب المخالطة وإليك هذه الأمثلة : 

bullet

قال أنس بن مالك : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيىء تركته لم تركته ؟ 

bulletووصفه علي رضي الله عنه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشره . 
bullet

وقالت عائشة رضي الله عنها : ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال : (( لبيك )) أي أجاب دعوته . 

bullet

ووصفه ابن أبهي هالة وهو صحيح : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا فحاش ، و عياب ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه . وكان يجيب من دعاه ، ويقبل الهدية ممن اهداه ، ولو كانت كراع شاه ويكافىء عليها . 

bullet

وروى الترمذي عن عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ))

bullet

قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً"، أخرجه البخاري ومسلم

وحسبنا في بيان أدبه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته وجميل مخالطته قول ربه تبارك وتعالى فيه : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) [ المائدة : 159 ] 

فجزاه الله عن أمته خير الجزاء . 

تاسعا : خشيته لله وطول عبادته : 

ومن مظاهر خشيته لله وطول عبادته : 

انه كان  يصلي من الليل حتى تتفطّر قدماه ، فإذا سئل في ذلك قال (( أفلا أكون عبداً ))
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : 
(( وجعلت قرة عيني في الصلاة ))

و قالت عائشة : كان عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم ديمة ، و أيكم يطيق  ما كان يطيق ! . و قالت : كان يصوم حتى نقول : لا يفطر . و يفطر حتى نقول : لا يصوم . و نحوه عن ابن العباس ، و أم سلمى ، و أنس . و قالت : كنت لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته مصليا ، و لا نائماً إلا رأيته نائماً . و قال عوف بن مالك : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة فاستاك ثم توضأ ، ثم قام يصلي ، فقمت معه ، فبدأ فاستفتح البقرة ، فلا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ، و لا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، ثم ركع ، فمكث بقدر قيامه ، يقول : سبحان ذي الجبروت و الملكوت و العظمة ، ثم سجد و قال مثل ذلك ، ثم قرأ آل عمران ، ثم سورة سورة ، يفعل مثل ذلك . و عن حذيفة مثله ، و قال سجد نحواً من قيامه ، و جلس بين السجدتين نحواًمنه ، و قال : حتى قرأ البقرة ، و آل عمران ، و النساء ، و المائدة . و عن عائشة : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بأية من القرأن ليلة .
     

وإليك بعض من الآداب المحمدية : 

bullet كان عليه الصلاة والسلام  يجالس الفقراء و يؤاكل المساكين ، ويصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم .
bullet

خافض الطرف ينظر إلى الأرض ، و يغض بصره بسكينة و أدب ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء لتواضعه بين الناس ، و خضوعه لله تعالى .. كأن على رأسه الطير .

bullet

و كان عليه الصلاة والسلام أشجع الناس ، و كان ينطلق إلى ما يفزع الناس منه ، قبلهم ، و يحتمي الناس به ، و ما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه .

bullet

و كان عليه الصلاة والسلام  يُخاطب جلساءَ ه بما يناسب . فعن زيد بن ثابت ، قال : كنا إذا جلسنا إلي الرسول إنْ أخذنا في حديث في ذكر الآخرة ، أخذ معنا ، و إنْ أخذنا في ذكر الدنيا ، أخذ معنا ، و إنْ أخذنا في ذكر الطعام و الشراب ، أخذ معنا . 

bulletو كان عليه الصلاة والسلام  إذا أحزنه أمرٌ فزع إلى الصلاة ، لجأ إليها ، و كان يحب الخلوة بنفسه للذكر و التفكر و التأمل و مراجعة أمره .
bulletوكان يبادر من لقيه بالسلام والتحية و هو علامة التواضع
bulletكان لا يعيب طعاماً يقدم إليه أبداً ، وإنما إذا أعجبه أكل منه ، وإن لم يعجبه تركه .
bulletيتكلم على قدر الحاجة ، لا فضول ولا تقصير . 
bulletلا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها 
bulletيسألُ الناس عما في الناس ، ليكون عارفاً بأحوالهم و شؤونهم
bulletو لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر
bulletو كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ، و يخصف نعله ، و يأكل مع العبد ، و يجلس على الأرض ، و يصافح الغني و الفقير .. و لا يحتقر مسكيناً لفقره .. و لا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو ، و يسلم على من استقبله من غني و فقير ، و كبير و صغير .

 

فصل اللهم وبارك وسلم على عبدك ورسولك محمد عليه الصلاة والسلام 

مراجع : 

 "الأدب المفرد" للبخاري

"مكارم الأخلاق" لأبن أبي الدنيا وللخرائطي 

وكتب الشمائل وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

ومن أجمل الكتب المعاصرة التي وقفت عليها في هذا الموضوع "الأخلاق الفاضلة" للرحيلي وهو كتاب جميل .