النشرة البريدية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات صفات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صفات. إظهار كافة الرسائل

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام



محتويات

    شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام
    ما قصة إبراهيم عليه السلام
    هل نحن ابناء ابراهيم عليه السلام
    ما هي اللغة التي كان يتحدث بها سيدنا ابراهيم


شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام

شجرة أبناء إبراهيم عليه السلام خليل الله عزَّ وجلّ، وأبو الأنبياء، إذ أن جميع الرسل والأنبياء الذين تم ذكرهم في القرآن الكريم هم من ذرية إبراهيم عليه السلام ونسله، حيث تتابعوا في ذرية ولديه الاثنين، وهما النبيين الكريمين: الذبيح إسماعيل أبو العرب، ثم إسحاق -عليهما السلام-.

وقد بُعِث الذبيح إسماعيل أبو العرب -عليه السلام- في جُرهُم والعماليق، واليمن، وغيرهم من المناطق كاليمن والحجاز من جزيرة العرب، وينسب إلى ذريته النبي محمد صلّى الله عليه وسلم فقط.

أمّا عن إسحاق عليه السلام فقد بعثه الله تعالى كنبي ليؤدي رسالته في مناطق الشام وحران وما حولها، وكان من ذريته العيص، ومن سلالته: نبي الله أيوب بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام أجمعين، ومن سلالة إسحاق: ذو الكفل، قال ابن كثير: وزعم قوم أنه ابن أيوب، ثمَّ استظهر ابن كثير أنه نبي.

كما تمّ إرسال أيوب وذو الكفل إلى الشام وأهل دمشق على وجه التحديد، وكان من نسله نبي الله يعقوب الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، ومن ذريتهم يوسف، وموسى، وهارون، وإلياس، واليسع، ويونس، وداود، وسليمان، ويحيى، وزكريا، وعيسى عليهم سلام الله أجمعين. [1]

ما قصة إبراهيم عليه السلام

ورد في نص أهل الكتاب أن الاسم الكامل لإبراهيم عليه السلام هو (إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام).

كما روى ابن عساكر من طريق هشام بن عمار، عن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن ابن عباس أن إبراهيم وُلِد بغوطة دمشق في قرية “برزة” في جبل “قاسيون” ثمَّ روى أنه وُلِد في بابل، ونسب إليه هذا المقام ؛ لأنه قام بالصلاة فيه إذ جاء معينا للوط عليه السلام. [2]

وفي هذا الصدد، فإن قصة ولادة ابراهيم عليه السلام غريبة للغاية، إذ جاءت ولادته في زمن النمرود بن كنعان الذي أصدر أمراً بقتل كل طفل سيولد في ذات تاريخ ولادة ابراهيم؛ ويعود السبب في ذلك إلى المنجمين الذين أخبروه بولادة غلام يخالف دينه ويكسر آلهته التي يعبد (المقصود ابراهيم عليه السلام).

لكن العجيب أن أم سيدنا إبراهيم لم يكشف عن حملها وخرجت به إلى مغارة وولدته فيها وخبأت أمره إلى أن أصبح شاباً، فلما خرج بعد ذلك كان يمتلك رؤية مختلفة عن رؤية قومه للأمور، فأخذ يتفكّر في الكون حين رأى الكوكب وقد أفل والقمر البازغ وقد أفل والشمس بضيائها وكبر حجمها وقد أفلت قال لا أحب الآفلين، ومن هنا أتاه الهدى من الله سبحانه وتبرئ من دين قومه الذين يعبدون الأصنام، ويعتقدون أن الكواكب هي التي تسيّر العالم.

كما أن أبوه آزر كان مع قومه الكافرين، لا بل كان يصنع الأصنام ويعطيها لابنه ابراهيم من أجل بيعها، فما كان منه إلّا أن يسخر منها ويدنيها من ماء البحر، ويقول لها اشربي، وقد نصح والده مراراً وتكراراً بالابتعاد عن الكفر وعبادة الأصنام، لكنه أبى!

وحين شاع أمر إيمانه بالله عزَّ وجل بين قومه، ناظرهم على عبادة الحجارة وأقام عليهم الحجة بأنها لا تنفع ولا تضر فلما أصرّوا وعاندوا، قال لأكيدن أصنامكم، فما كان منه إلّا أن كسرها جميعها ماعدا أكبر صنم فيهم، فقد اكتفى بوضع الفأس بين يديه.

ولما رأى قومه ذلك أخذوا يتساءلون عن الذي قام بفعل ذلك بآلهتهم، فقال بعضٌ من الذين سمعوا وعود إبراهيم عليه السلام بالكيد بالأصنام حين يولوا مدبرين، إنا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم، فلما أتوا به وسألوه عن فعله، أجابهم أن كبير الأصنام هو من فعل ذلك، ثم قال لهم، فاسألوهم إن كانوا ينطقون!

وعلى الرغم من أن قومه علموا الحق، إلّا أنهم استمروا بعنادهم وتبجحوا بأن طلبوا نصر الآلهة التي عجزت عن النطق والدفاع عن نفسها، وأجمعوا على حرق ابراهيم عليه السلام بالنار، وجهزوا الحطب لذلك.

ولمّا جاء ابراهيم وألقي في النار، أُرسل إليه جبريل عليه السلام وقال هل لك حاجة فرد عليه إلّا كان إليك فلا، ثم قال حسبي الله ونعم الوكيل، وهنا صدر الأمر من رب العالمين أن يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، فما مسّه من سوء أبداً.

بعد ذلك كفّ الله أذى النمرود عن نبيه، وبدأ عدد من قومه يؤمنون برسالته ومنهم ابن أخيه لوط عليه السلام، ثم فارقهم مهاجراً إلى حران، ثم إلى بيت المقدس، ثم إلى مصر بصحبة وزوجته وابن أخيه لوط وبعض من المؤمنين، وأخيراً عاد قافلاً إلى بيت المقدس، وبعد عشر سنين وهبت سارة له هاجر فحملت منه بإسماعيل عليه السلام ثم بشر بعد إسماعيل عليه السلام بنبي الله إسحاق من سارة.

ولمّا صار إسماعيل شاباً، جاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بأن يذبح ولده إسماعيل، وقد فداه الله بذبح عظيم، كما بشر إبراهيم عليه السلام بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب نبياً من الصالحين، ثم جاء الأمر من الله سبحانه بأن يقوم ابراهيم وولده اسماعيل برفع قواعد البيت الحرام الذي أُخفيت معالمه نتيجة الطوفان، فقاما بذلك ثم نزل جبريل لتعليمه مناسك الحج وأمره أن يؤذن في الناس، وقد توفي عليه السلام عن عمر مائتي عام. [3]
هل نحن ابناء ابراهيم عليه السلام

هل نحن ابناء إبراهيم عليه السلام؟ نعم.

روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بْن أَبْزَى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبحَ وإذا أمسَى: أصبحنا على فِطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلم وعلى مِلَّة أَبِينَا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين.

يدل الحديث السابق على أننا نتبع ملّة ابراهيم عليه السلام التي أمرنا الله عزَّ وجل باتباعها في قوله: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (النحل/123)، وقوله: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ (الحج/78)

وبذلك يكون إبراهيم عليه السلام كالأب لجميع المؤمنين، كما أنه أبو الأنبياء الذين جاءوا بعده، إذ قال ابن كثير رحمه الله: لم يبعث الله عَزَّ وجل بعده نبياً إلّا من ذريته، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ)، كما قال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ). [4]
ما هي اللغة التي كان يتحدث بها سيدنا ابراهيم

السريانية والعبرانية.

إن إبراهيم عليه السلام كان يتكلم باللغتين السريانية والعبرانية كما ذكره العيني في شرح البخاري وابن سعد في الطبقات والطبري في التاريخ، في حين كان ابنه إسماعيل يتكلم بالعربية، وذلك لأنه نشأ في قبيلة جرهم وتزوج من نساءها، وكذلك فإن أولاده نشأوا فيها، وكان من سلالته قريش التي منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. [5]
المراجع

    الإيمان بالكتب المنزلة – أنبياء ذرية إبراهيم



صفات وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

صفات وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 

الجواب :

الحمد لله ،

لقد كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم  مستمدة من القرآن الكريم ، ذلك أن السيدة عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت لسائلها : أما تقرأ القرآن ؟ قال : بلى . فقالت : كان خلقه القرآن . 

وإذا كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم  هو القرآن وما جاء به ، فهيا بنا نتعرف على هذه الأخلاق : 

أولاً: التواضع :

إن التواضع في البيت النبوي قد استمد من التوجيه القرآني العظيم ، يقول الله سبحانه وتعالى : ((  وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )) [ لقمان : 18 ] 

لذلك فقد روي عن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : (( كان رسول الله يعلف الناضج ، ويعقل البعير ، ويقم البيت ، ويحلب الشاة ، ويخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويأكل مع خادمه ، ويطحن عنه إذا تعب ، ويشتري الشيىء من السوق فيحمله إلى أهله ، ويصافح الغني والفقير والكبير والصغير ، ويسلم مبتدئاً على كل من استقبله ، من صغير أو كبير ، وأسود وأحمر ، وحر وعبد )) [ إحياء علوم الدين 3 / 306 ] 

ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام أنه كان في سفر ، وأمر أصحابه بطهو شاة ، فقال أحدهم : علي ذبحها ، وقال آخر : علي سلخها ، وقال ثالث : على طبخها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( وعلي جمع الحطب )) فقالوا يا رسول الله ، نكفيك العمل ، فقال : (( علمت أنكم تكفونني ، ولكن أكره أن أتميز عليكم ، وإن الله سبحانه وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه )) [ شرح الزرقاني 4 : 265 ] 

وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( التواضع لا يزيد العبد إلا رفعةً ، فتواضعوا يرفعكم الله )) [ كنز العمال ] 

وقال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد )) [ كنز العمال ] 

ومن أقواله عليه الصلاة والسلام في الحض عل التواضع قوله : (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )) [ سيرة ابن هشام ] 

ثانيا : الصدق 

لقد كان الصدق من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والاسلام ، فقد كانت قريش تعرف محمداً قبل أن يتنزل عليه الوحي  بـالصادق الأمين . 

وحتى عندما بدأت الرسالة ، وأراد أن يدعو قريشاً اعترفت بصدقه قبل أن يتكلم عن رسالته ، فعندما صعد الصفا وقال : (( يا صباحاه )) ، كي تجتمع له قريش ، فاجتمعت على الفور وقالوا له : مالك ؟ 

قال : (( أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ ))

قالوا : بلى ، ما جربنا عليك كذباً . 

قال : (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ))

وها هو هرقل ملك الروم وإمبراطور الروم يسأل أبا سفيان في ركب من قريش بعد صلح الحديبية فيقول : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فقال أبو سفيان : لا ، فقال ملك الروم : ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله . [ تاريخ الطبري 3 : 86 ] 

وفي القرآن الكريم الصدق صفة وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله  تعالى : (( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ))  [ الاحزاب : 22 ]

قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصاقين )) [ التوبة : 119 ] 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة . . ))  [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ] 

ثالثاً : الأمانة : 

لقد أمر القرآن الكريم برد الأمانة وامتدح هذا الأمر ، وعقب على الأمر بالتخويف من الخيانة فقال عز وجل : (( ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل )).  [ النساء : 58 ] 

ان نهوض الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة التي ائتمنه الله عليها  وكلفه أن يقوم بها ، فبلغها للناس أعظم ما يكون التبليغ ، وقام بإدائها أعظم ما يكون القيام ، واحتمل في سبيلها أشق ما يحتمله بشر . 

وقد عرف الناس أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ، فكانوا يسمونه الأمين [ سيرة ابن هشام ، وتاريخ الطبري 2 / 251 ] 

ومن احدى المشاهد التي تظهر لنا امانة الرسول صلى الله عليه وسلم ان جابر ابن عبدالله قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ضحى ، فقال : (( صل ركعتين )) ، وكان لي عليه دين فقضاني وزادني  . [ فتح المبدي : 2 / 229 ] 

وقد تعددت وكثرت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تحض على الأمانة ترغيباً وترهيباً منها : 

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجره )) [ رواه البخاري ] 

رابعاً : الوفاء :

ان الوفاء بالعهد ، وعدن نسيانه أو الاغضاء عن واجبه خلق كريم ، ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم فيه بالمحل الأفضل والمقام الأسمى ، فوفاؤه ، وصلته لأرحامه كان مضرب المثل ، وحق له ذلك وهو سيد الأوفياء وإليك ما يثبت هذه الحقيقة : 

bullet

حديث عبدالله بن أبي الحمساء إذ قال : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت ثم تذكرت بعد ثلاث ، فجئت فإذا هو في مكانه، فقال : (( يا فتى لقد شققت علي أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك ))

bullet

روى البخاري في الأدب المفرد عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بهدية قال : (( اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة ، إنها كانت تحت خديجة ))

أي وفاء هذا ياعباد الله ؟ إنه يكرم أحباء خديجة وصديقاتها بعد موتها رضي الله عنها .

خامساً : العدل

لقد أمر القرآن الكريم بالعدل فقال سبحانه وتعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا )) [ المائدة : 8 ] 

وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على العدل والمساواة  في أحاديث كثيرة بعد ضرب المثل والقدوة للناس عملياً 

_ قال عليه الصلاة والسلام : (( ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة )) [ اللؤلؤ والمرجان 1 : 30 ] 

_ وقال عليه الصلاة والسلام : (( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته ))

_ وكان عليه الصلاة والسلام  يعدل ويتحرى العدل بين زوجاته ثم يعذر إلى ربه وهو مشفق خائف فيقول : (( اللهم هذا قسمي فيما أملك  فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ))

_ وكان الحسن يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحداً يقرف أحد ، ولا يصدق أحد على أحد . 

والقرف : التهمة والذنب . 

سادساً : الكرم

ان الكرم المحمدي كان مضرب الأمثال ، وكان صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً . فقد سأله رجل حلة كان يلبسها فدخل فخلعها ، ثم خرج بها في يده وأعطاه إياها . ففي صحيح البخاري ومسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : (( ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال لا . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : (( ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال لا ))

وحسبنا في الاستدلال على كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البخاري عن أبن عباس رضي الله عنهما وقد سئل عن جود الرسول وكرمه فقال :  كان رسول الله أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القرآن . 

وكيف لا يكون الحبيب صلى الله عليه وسلم أكرم الناس واجودهم على الاطلاق وقد نزل عليه قول ربه : (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) [ سبأ : 39 ] 

سابعاً : الزهد

والمراد بالزهد الزهد في الدنيا ، وذلك بالرغبة عنها ، وعدم الرغبة فيها ، وذلك بطلبها طلباً لا يشق ، ولا يحول دون أداء واجب ، وسد باب الطمع في الاكثار منها والتزيد من متاعها ، وهو ما زاد على قدر الحاجة ، وإليك هذه المواقف التي تدل على ان النبي صى الله عليه وسلم كان أزهد الناس : 

قال عليه الصلاة والسلام لعمر وقد دخل عليه فوجده على فراش من أدم حشوه ليف فقال : إن كسرى وقيصر ينامان على كذا وكذا ، وأنت رسول الله تنام على كذا وكذا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( مالي وللدنيا يا عمر ، وإنما أنا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها ))

وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح : (( لو كان لي مثل أحد ذهباً لما سرني أن يبيت عندي ثلاثا إلا قلت فيه هكذا وهكذا إلا شيئاً أرصده لدين ))

فهذا أكبر مظهر للزهد الصادق الذي كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعيش عليه ويتحلى به . 

وكان عليه الصلاة والسلام يدعو ربه قائلاً : (( اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا ))  أي بلا زيادة ولا نقصان .

وقد قالت عائشة رضي الله عنها : مات رسول الله صلى الله عايه وسلم وما في بيتي شيىء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي . 

ثامناً : أدبه وحسن عشرته : 

إن من كمال خلق المرء حسن صحبته ومعاشرته لأهله ، وكمال أدبه في مخالطته لغيره ، وقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في حسن الصحبة وجميل المعاشرة وأدب المخالطة وإليك هذه الأمثلة : 

bullet

قال أنس بن مالك : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيىء تركته لم تركته ؟ 

bulletووصفه علي رضي الله عنه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشره . 
bullet

وقالت عائشة رضي الله عنها : ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال : (( لبيك )) أي أجاب دعوته . 

bullet

ووصفه ابن أبهي هالة وهو صحيح : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا فحاش ، و عياب ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه . وكان يجيب من دعاه ، ويقبل الهدية ممن اهداه ، ولو كانت كراع شاه ويكافىء عليها . 

bullet

وروى الترمذي عن عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ))

bullet

قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً"، أخرجه البخاري ومسلم

وحسبنا في بيان أدبه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته وجميل مخالطته قول ربه تبارك وتعالى فيه : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) [ المائدة : 159 ] 

فجزاه الله عن أمته خير الجزاء . 

تاسعا : خشيته لله وطول عبادته : 

ومن مظاهر خشيته لله وطول عبادته : 

انه كان  يصلي من الليل حتى تتفطّر قدماه ، فإذا سئل في ذلك قال (( أفلا أكون عبداً ))
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : 
(( وجعلت قرة عيني في الصلاة ))

و قالت عائشة : كان عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم ديمة ، و أيكم يطيق  ما كان يطيق ! . و قالت : كان يصوم حتى نقول : لا يفطر . و يفطر حتى نقول : لا يصوم . و نحوه عن ابن العباس ، و أم سلمى ، و أنس . و قالت : كنت لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته مصليا ، و لا نائماً إلا رأيته نائماً . و قال عوف بن مالك : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة فاستاك ثم توضأ ، ثم قام يصلي ، فقمت معه ، فبدأ فاستفتح البقرة ، فلا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ، و لا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، ثم ركع ، فمكث بقدر قيامه ، يقول : سبحان ذي الجبروت و الملكوت و العظمة ، ثم سجد و قال مثل ذلك ، ثم قرأ آل عمران ، ثم سورة سورة ، يفعل مثل ذلك . و عن حذيفة مثله ، و قال سجد نحواً من قيامه ، و جلس بين السجدتين نحواًمنه ، و قال : حتى قرأ البقرة ، و آل عمران ، و النساء ، و المائدة . و عن عائشة : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بأية من القرأن ليلة .
     

وإليك بعض من الآداب المحمدية : 

bullet كان عليه الصلاة والسلام  يجالس الفقراء و يؤاكل المساكين ، ويصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم .
bullet

خافض الطرف ينظر إلى الأرض ، و يغض بصره بسكينة و أدب ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء لتواضعه بين الناس ، و خضوعه لله تعالى .. كأن على رأسه الطير .

bullet

و كان عليه الصلاة والسلام أشجع الناس ، و كان ينطلق إلى ما يفزع الناس منه ، قبلهم ، و يحتمي الناس به ، و ما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه .

bullet

و كان عليه الصلاة والسلام  يُخاطب جلساءَ ه بما يناسب . فعن زيد بن ثابت ، قال : كنا إذا جلسنا إلي الرسول إنْ أخذنا في حديث في ذكر الآخرة ، أخذ معنا ، و إنْ أخذنا في ذكر الدنيا ، أخذ معنا ، و إنْ أخذنا في ذكر الطعام و الشراب ، أخذ معنا . 

bulletو كان عليه الصلاة والسلام  إذا أحزنه أمرٌ فزع إلى الصلاة ، لجأ إليها ، و كان يحب الخلوة بنفسه للذكر و التفكر و التأمل و مراجعة أمره .
bulletوكان يبادر من لقيه بالسلام والتحية و هو علامة التواضع
bulletكان لا يعيب طعاماً يقدم إليه أبداً ، وإنما إذا أعجبه أكل منه ، وإن لم يعجبه تركه .
bulletيتكلم على قدر الحاجة ، لا فضول ولا تقصير . 
bulletلا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها 
bulletيسألُ الناس عما في الناس ، ليكون عارفاً بأحوالهم و شؤونهم
bulletو لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر
bulletو كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ، و يخصف نعله ، و يأكل مع العبد ، و يجلس على الأرض ، و يصافح الغني و الفقير .. و لا يحتقر مسكيناً لفقره .. و لا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو ، و يسلم على من استقبله من غني و فقير ، و كبير و صغير .

 

فصل اللهم وبارك وسلم على عبدك ورسولك محمد عليه الصلاة والسلام 

مراجع : 

 "الأدب المفرد" للبخاري

"مكارم الأخلاق" لأبن أبي الدنيا وللخرائطي 

وكتب الشمائل وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

ومن أجمل الكتب المعاصرة التي وقفت عليها في هذا الموضوع "الأخلاق الفاضلة" للرحيلي وهو كتاب جميل .

أخلاق الرسول في الحروب

أخلاق الرسول في الحروب .. ما أروع أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم